على أن قوله هذا يوهم أن الحديث موقوف على حذيفة , و ليس كذلك كما سبق تحقيقه , فلا تغتر بمن لا غيرة له على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخالف , و الله عز وجل يقول: * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) *.
هذا , و قد كنت أوردت هذا الحديث في رسالتي " قيام رمضان " (36) و خرجته باختصار , مصرحا بصحة إسناده عن حذيفة رضي الله عنه , و أحلت في تفصيل ذلك إلى هذا الموضع من هذه السلسلة.
ثم جاءني بعد سنين تحرير بتاريخ (13/ 7 / 1413 هـ) - و هذا المجلد تحت الطبع - من أحد إخواننا المحبين في الله و في الغيب المشتغلين بهذا العلم الشريف كما بدا لي من خطابه , و فيه نقد منه لثلاثة أحاديث كنت صححتها في بعض مؤلفاتي منها هذا الحديث , فاهتبلتها فرصة لبيان أنه لم يصب كبد الحقيقة في إعلاله إياه من جميع طرقه , معترفا بأنه كان أديبا في كتابته , لطيفا في نقده , زد على ذلك أنه صرح في آخر رسالته أنه فعل ذلك للاستفادة مني و من بعض إخواني فجزاه الله خيرا على تواضعه , و إحسانه الظن بإخوانه.
جواز الصلاة في اللحاف الذي يتغطى به النائم
2791 - (كانت لحفنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نلبسها و نصلي فيها).
أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/ 335 / 563): حدثنا أحمد بن القاسم قال: حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري قال: حدثنا الحسن بن حبيب بن ندبة قال: حدثنا راشد أبو محمد الحماني قال: رأيت أنس بن مالك عليه فرو أحمر فقال: فذكره.
و في الحديث جواز الصلاة في اللحاف الذي يتغطى به النائم. و يشهد له الأحاديث التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي و عليه مرط , و على بعض أزواجه منه و هي حائض , و بعضها مخرج في " صحيح أبي داود " (393 - 394) , و لا يخالفها حديث عائشة فيه (392): " كان لا يصلي في ملاحفنا " لأنه محمول على الورع أو الاحتياط , خشية أن يكون فيها أذى لحديث معاوية رضي الله عنه أنه سأل أخته أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامعها فيه ? فقالت: " نعم , إذا لم ير فيه أذى ". أخرجه أصحاب السنن إلا الترمذي ,و إسناده صحيح , وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (390).
فرضت الصلاة في مكة ركعتين ركعتين والرد على المخالف
2814 - (أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين , فلما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة صلى إلى كل صلاة مثلها غير المغرب , فإنها وتر النهار , و صلاة الصبح لطول قراءتها , و كان إذا سافر عاد إلى صلاته الأولى).
أخرجه الطحاوي في " معاني الآثار " (1/ 241) من طريق مرجى بن رجاء قال: حدثنا داود عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: فذكره.
قلت: و هذا إسناد حسن رجاله ثقات غير مرجى بن رجاء فإنه مختلف فيه و أورده الذهبي في " المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد " , و قال (173/ 319): " علق له البخاري , جائزالحديث ". و قد لخص كلام الأئمة فيه الحافظ , فقال في " التقريب ": " صدوق ربما وهم ".
قلت: قد قام الدليل على أنه قد حفظ و لم يهم , بمتابع له معتبر و شاهد. أما المتابع فهو محبوب بن الحسن: حدثنا داود به. وتابعهما أبو معاوية الضرير - و هو ثقة - في " مسند ابن راهويه " (3/ 933 - 934) لكنه لم يذكر فيه (مسروقا).
و بعضه في " صحيح البخاري " (3935) و " أبي عوانة " (2/ 28) و ابن راهويه (2/ 107 / 31) من طريق معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة مختصرا بلفظ: " فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعا و تركت صلاة السفر على الأولى ". و هو متفق عليه دون ذكر الهجرة , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " (1082).
و أما الشاهد , ففي " المطالب العالية المسندة " للحافظ ابن حجر (ق 25/ 2): " إسحاق: قلت لأبي أسامة: أحدثكم سعد بن سعيد الأنصاري قال: سمعت السائب ابن يزيد يقول: كانت الصلاة فرضت سجدتين سجدتين: الظهر و العصر , فكانوا يصلون بعد الظهر ركعتين و بعد العصر ركعتين , فكتب عليهم الظهر أربعا و العصر أربعا , فتركوا ذاك حين كتب عليهم , و أقرت صلاة السفر [ركعتين] , و كانت الحضر أربعا ? فأقر به , و قال: نعم ". و قال الحافظ: " هذا حديث حسن ".
¥