والتأثر بالقرآن حال تلاوته يكون لأسباب متعددة، فقد يكون حال الشخص في ذلك الوقت مهيَّئًا، وقلبه مستعدًا لتلقي فيوض الربِّ سبحانه وتعالى.
فمن بكَّر للصلاة، وصلى ما شاء الله، ثمَّ ذكر الله، وقرأ كتاب ربِّه، ثمَّ استمع إلى الذكر فإنَّ قلبه يتعلق بكلام الله أكثر من رجلٍ جاء متأخِّرًا مسرعًا خشية أن تفوته الصلاة، فأنَّى له أن تهدأ نفسه ويسكن قلبه حتى يدرك كلام ربِّه، ويستشعر معانيه؟!
ومن قرأ تفسير الآيات التي سيتلوها الإمام واستحضر معانيها، فإنَّ تأثره سيكون أقرب ممن لا يعرف معانيها.
ومن قدَّم جملة من الطاعات بين يدي صلاته، فإنَّ خشوعه وقرب قلبه من التأثر بكلام ربِّه أولَى ممن لم يفعل ذلك.
وإنك لتجد بعض المسرفين على أنفسهم ممن هداهم الله قريبًا يستمتعون ويتلذذون بقراءة كلام ربه، وتجدهم يخشعون ويبكون، وما ذاك إلا لتغيُّر حال قلوبهم من الفساد إلى الصلاح، فإذا كان هذا يحصل من هؤلاء فحريٌّ بمن سبقهم إلى الخير أن يُعزِّز هذا الجانب في نفسه، وأن يبحث عن ما يعينه على خشوعه وتأثره بكلام ربِّه.
الأمر السابع:
يسأل كثير من المسلمين، كيف أحافظ على طاعاتي التي منَّ الله عليَّ بها في رمضان، فإنني سرعان ما ينقضي الشهر أبدأ بالتراجع عن هذه الطاعات التي كنت أجد لذة وحلاوةً في أدائها؟
إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رسم لنا منهجًا واضحًا في كل الأعمال، وقد بيَّنه بقوله: ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قَلَّ))، ولو عملنا بهذا الحديث في جميع عباداتنا لحافظنا على الكثير منها، ولما صرنا كالمنبتِّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى.
فلو اعتمد المسلم في كل عبادة عملا يوميًّا قليلاً يزيد عليه في وقت نشاطه، ويرجع إليه في وقت فتوره؛ لكان ذلك نافعًا له، فالمداومة على العبادة ـ ولو كانت قليلة ـ أفضل من إتيانها في مرات متباعدة أو هجرانها بالكلية.
فمن أدَّى فرائضه، والتزم بالسنن الرواتب، ثمَّ زاد عليها من أعمال العبادة ما شاء، فإنه يدخل في محبوبية الله التي قال فيها: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبَّه)).
ففي صلاة الليل يحرص أن لا ينام حتى يصلي ثلاث ركعات، ولو كانت خفيفات، فإن أحسَّ بنشاط زاد، وإلا بقي على هذه الثلاث.
وفي قراءة القرآن يعتمد قراءة جزءٍ كل يوم، حتى إذا بلغ تمام الشهر، فإذا به قد ختم القرآن.
وفي الصيام يعتمد ثلاثة أيام من كل شهر، وإن استطاع الزيادة زاد، لكن لا ينقص عن الأيام الثلاثة.
وفي النفقة يعتمد مبلغًا ـ ولو يسيرًا ـ بحيث لا يمرُّ عليه الشهر إلا وقد أنفقه.
وهكذا غيرها من العبادات، يعتمدُ القليل أصلاً، ويزيد عليه في أوقات النشاط، فإذا قصرت همته رجع إلى قَلِيلِه، فيبقى في عباداته من غير كلفة ولا مشقة ولا نسيان وإهمال، أسأل الله أن يوفقني وإياكم إلى ما يحبُّ ويرضى، ويجعلنا من أهل القول والعمل.
وإذا تأملت رمضان وجدته أشبه بمحطةٍ يتزوَّد منها الناس وقودهم، وهو محطة الصالحين الذين يفرحون ببلوغه فيتزودون منه لعباداتهم في الدنيا، ولجنتهم في الأخرى، وهو محضن تربوي فريد يدخله كل المسلمين: مصلحوهم وصالحوهم وعصاتهم، فهلاَّ استطعنا اغتنام هذا الشهر؟.
وأخيرًا:
أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد، وأن يرفع البلاء عن هذه الأمة، وأن يهدي قادتها لما يُحبُّ ويرضى، وأن يرينا في هذا الشهر انتصارات للمسلمين في كلِّ مجال من مجالات الحياة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1004
ـ[المسيطير]ــــــــ[06 - 10 - 06, 01:23 ص]ـ
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في النونية:
فصل
في التفريق بين الخلق والامر
وانظر إلى نظم السياق تجد به ***** سرا عجيبا واضح البرهان
ذكر الخصوص وبعده متقدما ***** والوصف والتعميم في ذا الثاني
فأتى بنوعي خلقه وبأمره ***** فعلا ووصفا موجزا ببيان
فتدبر القرآن إن رمت الهدى ***** فالعلم تحت تدبر القرآن
-
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[06 - 10 - 06, 09:32 م]ـ
قد تقرأ قوله تعالى: (قل إن كان أبائكم وأبنائكم وإخوانكم .... ) إلى آخر الآية ... فتثني أصابعك كناية عن العدّ ..
ورد عن جمع من السلف أنهم كانوا يعدون الآي على أصابعهم في الصلاة، فلعله يشهد لهذا، فما جاء عن السلف هو عدّ الآي كاملات، وهذا عدّ جزئيات داخل الآية، والاشتراك بينهما أنه عدّ على الأصابع أثناء الصلاة.
والموضوع ماتع، ولي عودة إليه إن شاء الله.
ـ[المقرئ]ــــــــ[07 - 10 - 06, 11:50 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
وأحسب أن مادة (المخمخة) والتي هي مأخوذة من المخ وهو رمز التفكير واتقاد الذهن
وتكريره بهذا الوزن يدل على التكثير والمتابعة كما يقال (كبكب) و (صرصر) و (ومضمض)
ومادة (مخمخ) أو (مخخ) قال عنها في مختار الصحاح:
م خ خ المخ الذي في العظم و المخة أخص منه وربما سموا الدماغ مخا وخالص كل شيء مخه و امتخخت العظم و تمخخته أخرجت مخه)
وفي كتاب الأفعال:
(و تمخمخت ما في العظم بالخاء وتمخخته استخرجته)
فيكون المراد عند قراءة القرآن عليك أن تجمع نفسك وعقلك ومخك لستخرج معانيه ولتتأمل في آيات الله ويلين قلبك وتخشع لله وتنيب فأولئك هم المؤمنون حقا
المقرئ
¥