* الطواف في السطح والسعي فوق سطح المسعى: أصدرت هيئة كبار العلماء فتوى بجواز السعي عند الحاجة فوق سقف المسعى قياساً على جواز الطواف حول الكعبة في أروقة المسجد الحرام وفي سطوحه، وعلى جواز الصلاة الصلاة إلى هواء الكعبة ممن كان في مرتفع عن بنائها كمن في الطائف مثلاً ن وعلى صحة الطواف والرمي فوق دابة ونحوها، لأن ذلك لا يخرج عن مسمى السعي فهو سعي بين الصفا والمروة، وأما إذا لم يكن ثم حاجة بأن كان السعي في وقت لا ازدحام فيه فإن الاحتياط لكمال العبادة يقضي بعدم ذلك خروجا من خلاف من منعه، ولانتفاء العذر المبرر للجواز. (فتاوي الشيخ ابن منيع 3/ 81)
* النزول إلى المسعى في الطواف: الناظر إلى زحام الناس الشديد عند بداية الطواف في سطح المسجد الحرام يجد ما يلحق الطائفين من المشقة الشديدة لضيق المكان، ويتوقف السير أحيانا دقائق عديدة، ويكثر اللغط والشجار بين الناس مما يضطر بعضهم إلى النزول إلى المسعى، ومع أن المسعى قد ألحق أخيرا ضمن المسجد من حيث البناء، إلا أن الرأي مستقر عند العلماء المعاصرين على أنه ليس من المسجد وأنه لا يشرع الطواف به لأن من طاف بالمسعى فقد طاف خارج المسجد ولا يصح الطواف حينئذ، ونظرا لما ذكرنا من المشقة الشديدة على الطائفين فقد رخص بعض العلماء في نزول الطائفين إلى المسعى عند الضرورة والزحام الشديد، وممن رخص في ذلك الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين – رحمهما الله -.
* رمي الجمرات من فوق الجسر: يجوز رمي الجمرات من أي جهة من فوق أو من أسفل أو جعلها عن يمينه أو عن يساره.
قال ابن حجر – رحمه الله -: وقد أجمعوا على أنه من حيث رماها (أي جمرة العقبة) جاز، سواء استقبلها أو جعلها عن يمينه أو يساره أو من فوقها أو من أسفلها أو وسطها، والاختلاف في الأفضل. ا. هـ.
قال في المنتهى وشرحه: وله رميها أي الجمرة من فوقها لفعل عمر لما رأى الزحام عندها.ا. هـ.
* الرمي ليلاً: ذهب جمع من العلماء إلى جواز الرمي ليلاً لأن النبي – صلى الله عليه وسلم - حدد أوله ولم يحدد آخره، ولما سأله رجل كما عند البخاري من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما -: " رميت بعد ما أمسيت. قال: لا حرج ". والمساء يكون آخر النهار، وفي أول الليل، ولم يستفصل النبي – صلى الله عليه وسلم – عما يقصده الرجل، فعلم أن الأمر واسع. وهذا القول هو مذهب الحنفية ورواية عند المالكية وهو المصحح عند الشافعية، وهو ما أفتى به المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي برئاسة الشيخ عبد العزيز ابن باز – رحمه الله -، وذلك حينما اشتد الزحام على الجمرات.
* الرمي قبل الزوال في أيام التشريق: السنة في الرمي في أيام التشريق أن يكون بعد الزوال كما هو ثابت في حديث جابر – رضي الله عنه – في " صحيح البخاري " قال: " رأيت الرسول – صلى الله عليه وسلم – يرمي يوم النحر ضحى، وأما بعد ذلك فبعد زوال الشمس "، وفي " صحيح البخاري " أيضا عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: " كنا نتحين، فإذا زالت الشمس رمينا ".
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى جواز الرمي قبل الزوال وهو قول طاووس وعطاء وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة واختيار ابن عقيل وابن الجوزي من الحنابلة والرافعي من الشافعية والشيخ صالح البليهي والشيخ عبدالله بن زيد آل محمود والشيخ مصطفى الزرقا وقواه الشيخ عبدالرحمن السعدي – رحم الله الجميع -. ودليلهم في ذلك القياس على " الرعاة الذين رخص لهم الرسول – صلى الله عليه وسلم – الرمي في الليل أو في أي ساعة من نهار". رواه الدار قطني. وشدة الزحام، والخوف من السقوط تحت الاقدام أوكد من غيره من الأعذار. ومن أهل العلم من رخص لذوي الحاجات فقط كمن يخشى فوات رحلة طائرة أو باخرة أو رفقة لا ينتظرونه. والله أعلم.
* تأخير الرمي: يجوز لمن كان في معنى الرعاة ممن هو مشغول أيام الرمي بعمل لا يفرغ معه للرمي، أو كان منزله بعيداً عن الجمرات، ويشق عليه التردد عليها ـ أن يؤخر رمي الجمرات إلى آخر يوم من أيام التشريق، ولا يجوز له أن يؤخره إلى ما بعد يوم الثالث عشر (آخر أيام التشريق). والرمي في هذه الحالة أداء لا قضاء وأيام التشريق كاليوم الواحد. وهذا رأي الشافعية والحنابلة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية وهو المعتمد عندهم، واختاره الشنقيطي –رحمهم الله -.
قال ابن قدامة – رحمه الله –: إذا أخر رمي يوم إلى ما بعده, أو أخر الرمي كله إلى آخر أيام التشريق ترك السنة, ولا شيء عليه, إلا أنه يقدم بالنية رمي اليوم الأول ثم الثاني ثم الثالث و يستدل لذلك بما رواه أحمد وأبو داوود عن أبى البداح بن عاصم بن عدي عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – " أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى، يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر".
هذا ما يسر الله – سبحانه – جمعه من بعض المسائل المعاصرة الحج، جمعت على عجل وقد تحتاج إلى زيادة تحرير لكن ضيق الوقت قبل موسم الحج يمنع من ذلك، وهي محاولة لإرشاد الناس لتحقيق المقصد من هذه العبادة العظيمة، وأداء العبادات فيها بكل طمأنينة وسكينة، وإزالة ما في قلوب الناس من احتمالات الأذى والهلاك والمقاتلات التي تحصل بين الحجاج، والسعي في إبراز ما يعين – بإذن الله – وفق الدليل وكلام من يحتج بهم من أهل العلم إلى تعظيم حرمات المسلمين ودمائهم وأعراضهم. والله نسأل أن يوفق المسلمين لما يحب ويرضى، وأن يسلمهم ويحفظهم ويتقبل منا ومنهم. اللهم آمين.
المصدر: موقع طريق الدعوة
¥