تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كَانَ سَلَفُهُمْ قَتَلُوا قَبْلَ ذَلِكَ بِالْمَغْرِبِ طَوَائِفَ، وَأَذَّنُوا عَلَى الْمَنَابِرِ «حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ»، حَتَّى جَاءَ التُّرْكُ «السَّلاجِقَةُ» الَّذِينَ كَانُوا مُلُوكَ الْمُسْلِمِينَ فَهَزَمُوهُمْ، وَطَرَدُوهُمْ إلَى مِصْرَ، وَكَانَ مِنْ أَوَاخِرِهِمْ «الشَّهِيدُ نُورُ الدِّينِ مَحْمُودٌ» الَّذِي فَتَحَ أَكْثَرَ الشَّامِ، وَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ أَيْدِي النَّصَارَى، ثُمَّ بَعَثَ عَسْكَرَهُ إلَى مِصْرَ لَمَّا اسْتَنْجَدُوهُ عَلَى الإِفْرِنْجِ، وَتَكَرَّرَ دُخُولُ الْعَسْكَرِ إلَيْهَا مَعَ «صَلاحِ الدِّينِ الأيوبِيِّ» الَّذِي فَتَحَ مِصْرَ، فَأَزَالَ عَنْهَا دَعْوَةَ الْعُبَيْدِيِّينَ مِنْ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ، وَأَظْهَرَ فِيهَا شَرَائِعَ الإِسْلامِ، حَتَّى سَكَنَهَا مِنْ حِينَئِذٍ مَنْ أَظْهَرَ بِهَا دِينَ الإِسْلامِ. وَكَانَ فِي أَثْنَاءِ دَوْلَتِهِمْ الْعُبَيْدِيَّةِ يَخَافُ السَّاكِنُ بِمِصْرِ أَنْ يَرْوِيَ حَدِيثَاً عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُقْتَلُ كَمَا حَكَى ذَلِكَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الْحَبَّالُ صَاحِبُ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، وَامْتَنَعَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ خَوْفَاً أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَكَانُوا يُنَادُونَ بَيْنَ الْقَصْرَيْنِ: مَنْ لَعَنَ وَسَبَّ فَلَهُ دِينَارٌ وَإِرْدَبٌّ، وَكَانَ بِالْجَامِعِ الأزْهَرِ عِدَّةُ مَقَاصِيرَ يُلْعَنُ فِيهَا الصَّحَابَةُ، بَلْ يُتَكَلَّمُ فِيهَا بِالْكُفْرِ الصَّرِيحِ، وَكَانَ لَهُمْ مَدْرَسَةٌ بِقُرْبِ «الْمَشْهَدِ الْحُسَيْنِيِّ» الَّذِي بَنَوْهُ، وَنَسَبُوهُ إلَى الْحُسَيْنِ، وَلَيْسَ فِيهِ الْحُسَيْنُ وَلا شَيْءٌ مِنْهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.

وَكَانُوا لا يَدْرُسُونَ فِي مَدْرَسَتِهِمْ عُلُومَ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ الْمَنْطِقَ وَالطَّبِيعَةَ وَالإِلَهِيَّ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ مَقَالاتِ الْفَلاسِفَةِ. وَبَنَوْا أَرْصَادَاً عَلَى الْجِبَالِ وَغَيْرِ الْجِبَالِ، يَرْصُدُونَ فِيهَا الْكَوَاكِبَ يَعْبُدُونَهَا، وَيُسَبِّحُونَهَا، ويستنزلون رُوحَانِيَّاتِهَا الَّتِي هِيَ شَيَاطِينُ تَتَنَزَّلُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الْكُفَّارِ كَشَيَاطِينِ الأصْنَامِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

يُتْبَعُ بِعَوْنِ اللهِ وَتَوْفِيقِهِ.

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[26 - 12 - 06, 11:43 م]ـ

ثُمَّ قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِِ: وَ «الْمُعِزُّ بْنُ مَعْدِ بْنِ تَمِيمٍ» أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ الْقَاهِرَةَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ، فَصَنَّفَ كَلامَاً مَعْرُوفًا عِنْدَ أَتْبَاعِهِ، وَلَيْسَ هَذَا «الْمُعِزَّ بْنَ باديس»، فَإِنَّ ذَاكَ كَانَ مُسْلِمَاً مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَكَانَ رَجُلاً مِنْ مُلُوكِ الْمَغْرِبِ، وَهَذَا بَعْدَ ذَاكَ بِمُدَّةِ. وَلأَجْلِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ الزَّنْدَقَةِ وَالْبِدْعَةِ، بَقِيَتْ الْبِلادُ الْمِصْرِيَّةُ مُدَّةَ دَوْلَتِهِمْ نَحْوَ مِائَتَيْ سَنَةٍ قَدْ انْطَفَأَ نُورُ الإِسْلامِ وَالإِيْمَانِ، حَتَّى قَالَتْ فِيهَا الْعُلَمَاءُ: إنَّهَا كَانَتْ دَارَ رِدَّةٍ وَنِفَاقٍ كَدَارِ مُسَيْلِمَةِ الْكَذَّابِ. وَالْقَرَامِطَةِ الْخَارِجُونَ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ الَّذِينَ كَانُوا سَلَفَاً لِهَؤُلاءِ الْقَرَامِطَةِ ذَهَبُوا مِنْ الْعِرَاقِ إلَى الْمَغْرِبِ، ثُمَّ جَاءُوا مِنْ الْمَغْرِبِ إلَى مِصْرَ، فَإِنَّ كُفْرَ هَؤُلاءِ وَرِدَّتَهُمْ مِنْ أَعْظَمِ الْكُفْرِ وَالرِّدَّةِ، وَهُمْ أَعْظَمُ كُفْرَاً وَرِدَّةً مِنْ كُفْرِ أَتْبَاعِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، وَنَحْوِهِ مِنْ الْكَذَّابِينَ، فَإِنَّ أُولَئِكَ لَمْ يَقُولُوا فِي الإِلَهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ وَالشَّرَائِعِ مَا قَالَهُ أَئِمَّةُ هَؤُلاءِ. وَلِهَذَا يُمَيَّزُ بَيْنَ قُبُورِهِمْ وَقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُمَيَّزُ بَيْنَ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، فَإِنَّ قُبُورَهُمْ مُوَجَّهَةٌ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَإِذَا أَصَابَ الْخَيْلَ مَغْلٌ أَتَوْا بِهَا إلَى قُبُورِهِمْ كَمَا يَأْتُونَ بِهَا إلَى قُبُورِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير