ـ[حسن عبد الحي]ــــــــ[21 - 01 - 07, 11:51 م]ـ
(((ذهبية)))
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله تعالى ـ:
وكان الأكابر الذين حضروه ـ[السماع المحرم]ـ لهم من التأويل ما لهم، فأقام الله في الأمة من أنكر ذلك، كما هو سنة الله في هذه الأمة الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر.
وهؤلاء المنكرون فيهم المقتصد في إنكاره، ومنهم المتأول بزيادة في الإنكار غير مشروعة.
كما أحدث أولئك ما ليس مشروعاً وصار على تمادي الأيام يزداد المحدث من السماع، ويزداد التغليظ في أهل الإنكار، حتى آل الأمر من أنواع البدع والضلالات والتفرق والاختلافات إلى ما هو من أعظم القبائح المنكرات التي لا يشك في عظم إثمها وتحريمها من له أدنى علم وإيمان.
وأصل هذا الفساد من ذلك التأويل في مسائل الاجتهاد، فمن ثبته الله بالقول الثابت أعطى كل ذي حق جقه وحفظ حدود الله فلم يتعدها.
{ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه} [الطلاق: 1].
فالشر في التفريط بترك المأمور أو العدوان بتعدِّي الحدود.
اهـ (1/ 170، 171)
(((من فوائد هذا النقل)))
- وجوب الاقتصاد في الإنكار ـ كما مر ـ
- أن الزائد في الإنكار أيضاً متأول ـ له ما لهم من العذر ـ
وجماع الأمر ما قاله الشيخ (فالشر في التفريط بترك المأمور أو العدوان بتعدِّي الحدود).
ـ[حسن عبد الحي]ــــــــ[22 - 01 - 07, 11:34 م]ـ
(((ذهبية)))
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله تعالى ـ:
فهذا ونحوه، هو الذي أشار إليه الأئمة كالشافعي في قوله: خلفت ببغداد شيئاً أحدثه الزنادقة يسمونه التغبير، يصدون به الناس عن القرآن.
فيكون ذو النون هو أحد الذين حضروا التغبير الذي أنكره الأئمة وشيوخ السلف، ويكون هو أحد المتأولين في ذلك، وقوله فيه كقول شيوخ الكوفة وعلمائها في النبيذ الذين استحلوه، مثل سفيان الثوري، وشريك بن عبد الله، وأبي حنيفة، ومسعر بن كدام، ومحمد بن عبد الرحمن بن أب ليلى، وغيرهم من أهل العلم، وكقول علماء مكة وشيوخها فيما استحلوه من المتعة والصرف، كقول عطاء بن أبي رباح، وابن جريج وغيرهما، وكقول طائفة من شيوخ المدينة وعلمائهم فيما استحلوه من الحشوش، وكقول طائفة من شيوخ الشاميين وعلمائها فيما استحلوه من القتال في الفتنة لعلي بن أبي طالب وأصحابه، وكقول طوائف من أتباع الذين قاتلوا مع علي من أهل الحجاز والعراق وغيرهم في الفتنة.
إلى أمثال ذلك مما تنازعت فيه الأمة، وكان في كل شق طائفة من أهل العلم والدين.
فليس لأحد أن يحتج لأحد الطرفين بمجرد قول أصحابه، وإن كانوا من أعظم الناس علماً وديناً، لأن المنازعين لهم هم أهل العلم والدين.
وقد قال الله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} [النساء: 59].
نعم، إذا ثبت عن بعض المقبولين عند الأمة كلام في مثل موارد النزاع، كان في ذلك حجة على ما تقدم التنازع في ذلك، وعلى دخول قوم من أهل الزهد والعبادة والسلوك في مثل هذا، ولا ريب في هذا.
لكن مجرد هذا لا يتيح للمريد الذي يريد الله، ويريد سلوك طريقه، أن يقتدي في ذلك بهم مع ظهور النزاع بينهم وبين غيرهم، وإنكار غيرهم عليهم، بل على المريد أن يسلك الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ويتبع ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، فإن ذلك هو صراط الله الذي ذكره ورضي به في قوله {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} [الأنعام: 153].
وهذا أصل في أنه لا يحتج في مواضع النزاع والاشتباه بمجرد قول أحد ممن نوزع في ذلك.
اهـ (1/ 218، 219)
ـ[حسن عبد الحي]ــــــــ[25 - 01 - 07, 12:47 ص]ـ
(((ذهبية)))
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله تعالى ـ:
ومثل هذه الحكايات لا تصلح أن تذكر للإقتداء، أو سلوك سبيل وطريقة، لما فيها من مخالفة أمر الله ورسوله، والذي يصدر عنه أمثال هذه الأمور إن كان معذوراً بقصور في اجتهاده أو غيبة في عقله فليس من اتبعه بمعذور، مع وضوح الحق والسبيل.
وإن كانت سيئته مغفورة، لما اقترن بها من حسن قصد وعمل صالح، فيجب بيان المحمود من المذموم، لئلا يكون لبساً للحق بالباطل.
وأبو الحسن النوري وأبو بكر الشبلي ـ رحمة الله عليهما ـ كانا معروفين بتغيير العقل في بعض الأوقات، حتى ذهب الشبلي إلى المارستان مرتين، والنور ـ رحمه الله ـ كان فيه وله، وقد مات بأجمة قصب لما غلبه الوجد حتى زال عقله.
ومن هذه حاله لا يصلح أن يتبع في حال لا يوافق أمر الله ورسوله، وإن كان صاحبها معذوراً أو مغفوراً له، وإن كان له من الإيمان والصلاح والصدق والمقامات المحمودة ما هو من أعظم الأمور، فليس هو في ذلك بأعظم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإنهم يتّبعون في طاعة، ولا يذكرون إلا بالجميل الحسن، وما صدر منهم من ذنب أو تأويل، وليس هو مما أمر الله به ورسوله لا يتبعون فيه، فهذا أصل يجب اتباعه.
اهـ (2/ 276)
(((ومن جديد فوائد هذا النقل)))
- أنه قد يغفر للمجتهد المتأول ما لا يغفر لمتبعه لوضوح الحق له.
¥