تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - تعمد غالبية الفتيات إلى رفع شعورهن بمشابك أو حشوها بلفائف بقصد التزين وأن يبدو الشعر أكبر حجما؟ فهل يدخل هذا في التحريم الوارد في الحديث المذكور؟

نرجو االتوضيح .. جزاكم الله خيرا ..

الإجابة: بمعرفة الحديث الوارد في ذلك، ومعرفة معناه يتبين هل هذه الرسمة الواردة هي أسنمة البخت الواردة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لا.

روى مسلم في صحيحه، وأحمد في المسند عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)).

وروى أحمد وابن حبان والحاكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرجال ينزلون على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رءوسهم كأسنمة البخت العجاف العنوهن فإنهن ملعونات، لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدمن نساؤكم نساءهم كما يخدمنكم نساء الأمم قبلكم)).

ففي هذين الحديثين ذكر وصف لنساء يلبسن لباسًا لا يستر، وأنه يقع بسببهن فتنة، وقد اختلف أهل العلم في معنى هذه الأوصاف، والمقصود هنا هو أسنمة البخت.

فنقول: الأسنمة جمع سنام، وهو أعلى ما في ظهر الجمل.

والبخت نوع من الإبل عظام الأسنمة، وقد وصف هذا السنام بأنه مائل، وفي حديث ابن عمرو وصفت البخت بأنها عجاف، والعجاف جمع عجفاء، وهي الناقة الضعيفة، قال الخادمي في كتابه بريقة محمودية: "وإنما قيد بالعجفاء لأن سنامها حينئذ يكون مائلا إلى أحد الطرفين".

وبهذا يظهر أن الصورة المرفقة ليست هي المقصودة بالحديث؛ لأمرين:

1 - أن مقتضى التشبيه بالسنام أن يكون ذلك فوق الرأس، لا خلفه.

2 - ولأنه قال: ((على رؤوسهن))، وما في الصورة هو خلف الرأس، وليس على الرأس.

وقد اختلف أهل العلم في صورة المنهي عنه كيف هي، فقيل:

1 - يعظِّمن رؤوسهن بالخمر والعمائم، أو عصائب تلفها على رأسها، فيكون كبيرًا، قال النووي: هذا هو المشهور في تفسيره.

2 - رفع ضفائر شعورهن على أوساط رؤوسهن تزينًا وتصنعًا، قال القاضي عياض: ضَفْر الْغَدَائِر وَشَدّهَا إِلَى فَوْق, وَجَمْعهَا فِي وَسَط الرَّأْس فَتَصِير كَأَسْنِمَةِ الْبُخْت, وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالتَّشْبِيهِ بِأَسْنِمَةِ الْبُخْت إِنَّمَا هُوَ لِارْتِفَاعِ الْغَدَائِر فَوْق رُءُوسهنَّ, وَجَمْع عَقَائِصهَا هُنَاكَ, وَتُكْثِرهَا بِمَا يُضَفِّرْنَهُ حَتَّى تَمِيل إِلَى نَاحِيَة مِنْ جَوَانِب الرَّأْس, كَمَا يَمِيل السَّنَام.

3 - تكثير الشعر، ورفعه فوق الرأس، وهذا المعنى يشبه السابق، والفرق بينهما أنها في السابق تفعل ذلك بشعرها، وهنا تزيد على شعرها بشيء تجعله فيه.

4 - يَطْمَحْنَ إِلَى الرِّجَال وَلَا يَغْضُضْنَ عَنْهُمْ, وَلَا يُنَكِّسْنَ رُءُوسهنَّ. وقال بهذا المازري، نقله عنه النووي.

وقد أخبر جمع من أهل العلم بوقوع هذا في زمانهم، وأنهم رأوا النساء تضع على رؤوسهن العمائم الكبار، وتلف شعرها فوق رأسها، وتشده حتى يكون كسنام البعير.

قال القرطبي في تفسيره ج12/ص311:

"والبخت ضرب من الإبل عظام الأجسام عظام الأسنمة، شبه رؤوسهن بها لما رفعن من ضفائر شعورهن على أوساط رؤوسهن، وهذا مشاهد معلوم والناظر إليهن ملوم".

وقال ابن تيمية في الجواب الصحيح ج6/ص122:

"وظهر النسوة بعد ذلك بسنين كثيرة وعلى رؤوسهن عمائم كأسنمة الجمال البخاتي، يسمون العمامة سنام الجمل".

وقال السيوطي في الخصائص الكبرى ج2/ص256:

"قال أبو نعيم: النساء المذكورات في هذا الحديث قيل أنهن المغنيات بالعراق، يعتممن بكارات كبار على رؤوسهن ثم يتجلببن فوقهن".

وقال المناوي في فيض القدير ج4/ص209:

"أي يعظمن رؤوسهن بالخمر والعمائم التي يلففنها على رؤوسهن، حتى تشبه أسنمة الإبل، ... وذا من معجزاته فقد كان ذلك، سيما في نساء علماء زماننا، فإنهن لم يزلن في ازدياد من تعظيم رؤوسهن حتى صارت كالعمائم، وكلما فعلن ذلك تأسى بهن نساء البلد، فيزدن نساءُ العلماء؛ لئلا يساووهن؛ فخرًا وكبرًا".

وقال ابن الأخوة في معالم القربة في معالم الحسبة 157:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير