تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"فقد أحدثن الآن من الملابس ما لا يخطر للشيطان في حساب, وتلك لباس الشهرة التي لا يستتر منها إسبال مرط, ولا أدنى جلباب, ومن جملتها أنهن يعتصبن عصائب كأمثال الأسنمة, ويخرجن من جهارة أشكالها في الصورة المعلمة, وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ورد عنه من الأخبار".

وقد فرق بعض أهل العلم بين جمع المرأة شعرها فوق رأسها، وبين جمعها لشعرها خلف رأسها، فقال القنوجي في يقظة أولي الاعتبار 113 شارحًا معنى أسنمة البخت:

"يغطين رؤوسهن بالخمر والمقانع، ويجعلن (على) رؤوسهن شيئًا، يسمى عندهن النازة، لا عقص الشعر والذوائب المباح للنساء، حسب ما ثبت في الصحيح عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي. الحديث".

قال الفيومي في المصباح المنير 422: "العقيصة للمرأة الشعر الذي يلوى ويدخل أطرافه في أصوله".

وقال 211: "الذؤابة بالضم مهموز: الضفيرة من الشعر إذا كانت مرسلة، فإن كانت ملوية فهي عقيصة".

وأما العلة في النهي، فقيل:

1 - التشبه بالرجال بلبس العمائم، وهذا مقتضى تفسير الحديث بلبس العمائم والعصائب على الرأس، وقال بهذا جمع من أهل العلم، كالنووي في شرحه لصحيح مسلم، وفي شرحه للمهذب، وقال الحجاوي في الإقناع 1/ 278: "ويحرم عليهن لبس العصائب الكبار التي يتشبهن بلبسها بالرجال"، واستدل له الحجاوي في كشاف القناع بهذا الحديث.

2 - وقيل: إنه لباس شهرة، يلفت نظر الرجال إليها، كما ذكر ابن الأخوة، وقد سبق نقل كلامه.

3 - ومنهم من قال إن المراد به التزين المحرم، كما في الوصل، فهي تصل شعرها بما يجعله كثيرًا، فترفعه، من باب التزين والتصنع، وقد نقل هذا ابن حجر عن القرطبي فقال في فتح الباري: "شبه رُءُوسهنَّ بِهَا لِمَا رَفَعْنَ مِنْ ضَفَائِر شُعُورهنَّ عَلَى أَوْسَاط رُءُوسهنَّ تَزْيِينًا وَتَصَنُّعًا, وَقَدْ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ بِمَا يُكْثِرْنَ بِهِ شُعُورهنَّ".

4 - وقيل إن المراد بالحديث تطلعهن إلى الرجال، ورفع رؤوسهن إليهم، وعدم غض أبصارهن، أو تنكيس رؤوسهن، وقال بهذا المازري كما سبق.

والذي يظهر والله أعلم أن النهي قُصد به التشبه بالرجال، وإظهار الزينة، فيكون فيه محذوران: الأول: التشبه بالرجال، والثاني: إظهار الزينة.

وإن كان الثاني -وهو إظهار الزينة- أولى؛ لأن سياق الحديث يدل عليه، فإنه ذكر أنهن كاسيات عاريات، وأنهن مائلات مميلات، وهذه الأوصاف تقتضي أنها تظهر من زينتها ما تفتن به الرجال، ومن ذلك أنها ترفع شعرها فوق رأسها، حتى يكون بارزًا ظاهرًا، وهو أدعى للفت الأنظار إليها، وصرف وجوه الرجال إليها.

وعلى هذا التعليل فلا يجوز فعل ذلك أمام الرجال بإطلاق، أما عند النساء فإن كانت العلة هي التشبه فلا يجوز، وإما إن كانت العلة هي إظهار الزينة فيجوز؛ لأن المرأة يجوز لها أن تظهر من زينتها أمام أمثالها من النساء.

وأما رفع الشعور بمشابك؛ ليبدو الشعر أكبر حجمًا، فلا بأس به ما دام أمام النساء؛ لأنها يجوز أن تتزين في شعرها بما تشاء، ما لم تتشبه بمن يحرم عليها التشبه به، من الرجال، أو الكفار.

وأما حشوه بلفائف بقصد التزين، وأن يبدو الشعر أكثر حجمًا، فالظاهر والله أعلم أنه من الوصل المذموم، وإن كان من أهل العلم من أجاز أن تصل المرأة شعرها بغير الشعر، كخيوط الحرير، ونحوه، لكن لفظ الحديث الوارد يقتضي النهي عن وصل الشعر بما يظهره بغير مظهره الطبيعي، بحيث يظن الناظر إليه أنه من أصل الشعر، وليس هو كذلك.

وقد يدخل في حديث الكاسيات العاريات، إذا رفعته فوق رأسها؛ لأنه حينئذ ينطبق عليه التفسير المذكور، بأنه تكبر رأسها بما تضعه فوقه حتى يكون كالسنام، ويقال فيه ما قيل في السابق.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.

ـ[المعلمي]ــــــــ[24 - 05 - 07, 06:09 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم عبد الله الحصين:

الذي يظهر - والله أعلم - من الحديث أن هذه الصفة - رءوسهن كأسنمة البخت المائلة - ليست هي العلة في المآل وتخريج المناط مشكل، وتحميلها سببية الوعيد في الحديث فيه نظر.

فقد ورد في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ قِيلَ مَا سِيمَاهُمْ قَالَ سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ أَوْ قَالَ التَّسْبِيدُ.

قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: فِيهِ إِشْكَال وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَم مِنْ وُجُود الْعَلَامَة وُجُود ذِي الْعَلَامَة فَيَسْتَلْزِم أَنَّ كُلّ مَنْ كَانَ مَحْلُوق الرَّأْس فَهُوَ مِنْ الْخَوَارِج وَالْأَمْر بِخِلَافِ ذَلِكَ اِتِّفَاقًاثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ السَّلَف كَانُوا لَا يَحْلِقُونَ رُءُوسهمْ إِلَّا لِلنُّسُكِ أَوْ فِي الْحَاجَة، وَالْخَوَارِج اِتَّخَذُوهُ دَيْدَنًا فَصَارَ شِعَارًا لَهُمْ وَعُرِفُوا بِهِ قَالَ وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِهِ حَلْق الرَّأْس وَاللِّحْيَة وَجَمِيع شُعُورهمْ وَأَنْ يُرَاد بِهِ الْإِفْرَاط فِي الْقَتْل وَالْمُبَالَغَة فِي الْمُخَالَفَة فِي أَمْر الدِّيَانَة. قُلْت: الْأَوَّل بَاطِل؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَع مِنْ الْخَوَارِج وَالثَّانِي مُحْتَمَل لَكِنَّ طُرُق الْحَدِيث الْمُتَكَاثِرَة كَالصَّرِيحَةِ فِي إِرَادَة حَلْق الرَّأْس، وَالثَّالِث كَالثَّانِي وَاللَّهُ أَعْلَم.

فمن قال أن التحليق مذموم كان قوله في النص السابق وأضرابه متجه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير