تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

66. يبقى أن الأقرأ والأحفظ لكتاب الله هو الأولى بالإمامة وإن كان غيره أفقه منه, وهذا من الوجوه التي يُرفَع بها حافظ القرآن والمعتني بالقرآن (إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين) , فالأكثر حفظاً يتقدم ولو كان خلفه إمام من أئمة المسلمين لكن لا يحفظ القرآن كاملاً, فالراجح في هذه المسألة أنه يقدم الأكثر قرآناً على من هو أقل منه في حفظ القرآن ولو كان أعلم منه بكثير, ويكون هذا من رفعته وإن كان غيره أفقه منه, وإذا أخطأ في صلاته فإنه يُنَبَّه, والمفترض أن حامل القرآن له عناية بغيره مما يعينه على فهم القرآن من سنة النبي عليه الصلاة والسلام وأقوال أهل العلم الموثوقين بحيث تكون المسألة متكاملة, لكن إذا وجدنا حافظاً لا يعرف شيئاً من الفقه وفقيهاً يدرك في الفقه إدراكاً تاماً لكنه لا يحفظ إلا شيئاً يسيراً من القرآن فإنا نقول إنه يقدم الأقرأ لهذا النص.

67. قوله (فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة): هناك قال (أقرؤهم) فالمسألة مرتبطة بالحروف, وهنا قال (أعلمهم) , فلو أن افترضنا شخصين كلاهما حافظ للقرآن ومتقن ومجود وضابط, وأحد الاثنين يحفظ مائة ألف حديث والثاني لا يحفظ إلا ألف حديث, لكن الأول الحافظ لا يفهم من معانيها شيء ولا يستطيع أن يستنبط منها شيء, وحافظ الألف مستفيد من هذه الأحاديث فائدة تامة يستنبط منها ويتفقه ويفقِّه من هذه الألف, فأيهما يقدم؟ يقدم الثاني, لأنه لم يقل (أحفظهم لللسنة) بل قال (أعلمهم بالسنة) , وهذا مما ينبغي أن يفرق فيه بين الكتاب والسنة, فالكتاب لا بد أن تتقن حروفه ويتقن حفظه لأنه لا بد أن يؤدى كما هو بحروفه وبمدوده وبحركاته وبشداته, وأما السنة فالرواية بالمعنى يجيزها جمهور أهل العلم, لكن أعظم من الحفظ الفهم الذي هو الثمرة العظمى من التفقه في السنة, ولا يعني هذا أن الإنسان يقلل من شأن حفظ السنة.

68. قوله (فإن كانوا في السنة سواء) أي في الحفظ والفهم على حد سواء (فأقدمهم هجرة) يعني أقدمهم انتقالاً من بلد الكفر والشرك إلى بلد الإسلام.

69. الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام واجبة وباقية إلى قيام الساعة, وأما حديث (لا هجرة بعد الفتح) فالمراد به لا هجرة من مكة بعد فتحها لأنها صارت دار إسلام, وبعض أهل العلم يقول (لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح) ولا شك أن الفضل اختلف بعد الفتح (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل – الآية-) ولا شك أن أوقات الحاجة والشدة تجعل بعض الأعمال المفوقة فائقة لشدة الاحتياج إليها, وأما في أوقات السعة فإن الأمر يخف.

70. من تقدمت هجرته أفضل ممن تأخرت هجرته, وهذا بعد الاستواء في القرآن والسنة.

71. النووي في شرح مسلم يقول (أولاد المهاجرين لهم حكم آبائهم في التقديم) , نعم إن كانوا هاجروا معهم فالكلام وجيه, لكن من ولد بعد هجرة المسبوق بالهجرة من أولاد المهاجر الأول لا يقدم على المسبوق بالهجرة في الإمامة, لأن الوظائف الشرعية لا تورث وراثة بل العبرة فيها بالكفاءة, ولذا يقول الشوكاني (ليس في الحديث ما يدل عليه).

72. قوله (فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً): يعني أقدمهم إسلاماً.

73. قُدِّم الأقدم الهجرة على الأقدم إسلاماً للتنفير من الإقامة بين أظهر المشركين لأنها خطر على المسلم نفسه وفيها تكثير لسواد الكفار.

74. جاء في رواية (سناً) بدل (سلماً): يعني الأكبر يقدم على الأصغر سناً, والكبير له نصيب من التقدير في نصوص كثيرة, فقد جاء تقديم الأكبر والكبير واحترامه, وتقديمه في الإمامة من احترامه.

75. قوله (ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه): يعني في ملكه إذا كان إمام أعظم, أو في ولايته إذا كان أميراً, أو في بيته إذا كان صاحب البيت, وكذا كل من له سلطة في مكانٍ ما.

76. قوله (إلا بإذنه): لأن هذا حقه وهو صاحب الشأن, لكن التقدم بين يديه من غير إذنه افتيات عليه.

77. قوله (ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه): ما يوضع له من فراش وتُكَأة لا يجلس فيها أحد إلا بإذنه, لأن الجلوس بغير إذنه افتيات عليه, وهو سلطان في هذه البقعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير