تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وأما الشافعية فقد قيَّدوا قَبُولَ المرسل بشروط ذكرها الإمام النووي رحمه الله في (مقدمة المجموع شرح المهذب) وقرر بها مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى فقال: ... قال الشافعي رحمه الله وأَحْتَجُّ بمرسل كبار التابعين إذا أسند من جهة أخرى أو أرسله من أخذ عن غير رجال الأول ممن يقبل عنه العلم أو وافق قول بعض الصحابة أو أفتى أكثر العلماء بمقتضاه قال ولا أقبل مرسل غير كبار التابعين ولا مرسلهم إلا بالشرط الذى وصفته هذا نص الشافعي في الرسالة وغيرها وكذا نقله عنه الائمة المحققون من أصحابنا الفقهاء والمحدثين كالبيهقي والخطيب البغدادي وآخرين، ولا فرق في هذا عنده بين مرسل سعيد بن المسيب وغيره، هذا هو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون، وقد قال الشافعي في مختصر المزني في آخر باب الربا أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيع اللحم بالحيوان، وعن ابن عباس أن جزوراً نحرت على عهد أبي بكر الصديق رضى الله عنه فجاء رجل بعناق فقال أعطوني بهذه العناق فقال أبو بكر رضى الله عنه لا يصلح هذا، قال الشافعي وكان القاسم بن محمد وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبو بكر بن عبد الرحمن يحرمون بيع اللحم بالحيوان قال الشافعي وبهذا نأخذ، قال ولا نعلم أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خالف أبا بكر الصديق رضى الله عنه، قال الشافعي وإرسال ابن المسيب عندنا حسن هذا نص الشافعي في المختصر نقلته بحروفه لما يترتب عليه من الفوائد ... )).اهـ (مقدمة المجموع شرح المهذب).

وأما الإمام أحمد رحمه الله فقد قال أبو داود في رسالته إلى أهل مكة في وصف سننه: (فإذا لم يكن مسند ضد المراسيل، ولم يوجد المسند، فالمرسل يُحْتَجُّ به، وليس هو مثل المتصل في القوة). (رسالة الإمام أبي داود السجستاني إلى أهل مكة في وصف سننه ص33 تحقيق عبد الفتاح أبو غدة).

قلت: وضابط قبول المرسل عند من قبله من أهل العلم واحتج به أن يكون مُرْسِلُهُ تابعياً ثقة كبيراً ولا يروي إلا عن ثقة مثله ودونك مزيد بيان:

(( ... وقد تعدّدت أقوال العلماء فى الحديث المرسل و تباينت مذاهبهم فيه كما تقدم ولعلنا نذكر الراجح منها حسبما رجحه العلماء الأفذاذ وبالله التوفيق فهذا الذى سنذكره يكاد المحققون من العلماء أن يطبقون على اختياره وارتضائه.

وهو أن الْمُرْسِلَ إن عرف من عادته أو صريح عبارته أنه لايرسل إلا عن ثقة قبل مرسله , وإن لم يعرف من عادته ذلك فلا يقبل مرسله.

و قد اعتبر العلامة حافظ المغرب ابن عبد البر هذا المذهب أصلاً فى قبول المراسيل وذكر ما يقتضى أنه إجماع فقال (والأصل فى هذا الباب اعتبار حال المحدث فإن كان لا يأخذ إلا عن ثقة , وهو فى نفسه ثقة , وجب قبول حديثه مرسله،ومسنده، وإن كان يأخذ عن الضعفاء, ويسامح نفسه فى ذلك وجب التوقف عما أرسله حتى يسمى من الذى أخبره و اختاره الحافظ العلائى مقرراً أنه أعدل المذاهب , إذ به يحصل الجمع بين الأدلة لطرفى القبول و الرد)).اهـ (دراسة علمية متواضعة للحديث المرسل).

هذا من حيث المرسل حكماً واحتجاجاً باختصار وإيجاز وللعلماء فيه كلام مستفيض، نأتي الآن إلى حكم مراسيل طاووس اليماني رحمه الله:

المسألة الثانية في مراسيل طاووس:

قال الشيخ شعيب الأرناؤوط بعد أن عدَّ عدة من ذكرهم الإمام أبو داود في كتابه: (المراسيل)، وعدد مراسيلهم: وتتفاوت درجة مراسيل هؤلاء قوة وضعفاً، فمراسيل سعيد بن المسيب، ومحمد بن سيرين، وإبراهيم النخعي، ومالك عندهم صحاح، يُحْتَجُّ بها إذا صح السند إليهم، ولم يكن في الباب ما يدفعها، ومراسيل مجاهد بن جبر، وعامر الشعبي، وطاووس بن كيسان حسان لا بأس بها، ومراسيل الزهري، والأعمش والحسن، ويحيى بن أبي كثير، والثوري، وابن عيينة وأضرابهم ضعاف).انتهى (مقدمة تحقيق المراسيل ص 7).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير