تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واختلفوا في وجه الجمع على قولين: سبق ذكر الاول منهما:

أما الثاني: فهو أن المراد بالأفراد، إفراد أعمال الحج، لان القارن يفعل في أعمال الحج كما يفعله الحاج المفرد، فيطوف لهما طوافاً واحداً ويسعى لهما سعياً واحداً، على أصح الاقوال وأقواها.

قال الشنقيطي رحمه الله ماحاصله:

وكلا الجمعين غلط، مع كثرة وجلالة من قال به من العلماء، لان النصوص متناقضة تناقضاً صريحاً. فإذا علمت هذا فاعلم أن أحاديث الأفراد صريحة في نفي القران والتمتع، لايمكن الجمع بينهما أبداً وبين أحاديثهما، فابن عمر يكذب أنساً في دعواه القران تكذيبا صريحاً كما أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعاً، قال بكر: فحدثت بذلك ابن عمر، فقال: لبى بالحج وحده، فلقيت أنساً فحدثته بقول ابن عمر فقال أنس: ماتعدوننا إلا صبيانا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لبيك عمرة وحجاً). فكيف يمكن الجمع بين خبرين، والمخبران بهما كل منهما يكذب الآخر تكذيباً صريحاً، فالجمع في مثل هذا محال، قلت (سعود الشريم): نورد على كلام الشيخ رحمه الله إيرادات:

الاول: أن ابن عمر تعارضت روايته، فقد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: (تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة الى الحج ... الحديث، وفيه بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، وفي حديث آخر عنه رضي الله عنه في الصحيحين أيضاً أنه قرن الحج إلى العمرة وطاف لهما طوافاأ واحدا ثم قال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم). فما ثبت عن ابن عمر هنا يتعارض مع ماذكره الشيخ رحمه الله عن ابن عمر نفسه.

الثاني: أنه يمكن الجمع بينهما على أن الخلاف بين ابن عمر وأنس إنما هو في مبدأ الاهلال، لان أحاديث ابن عمر الأخرى تدل على أن نهاية الإمر كان قارناُ فلا يكون حينئذ متعارضاُ مع حديث أنس، بدليل أنه في الرواية الاولى عند مسلم قال ابن عمر: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبى بالحج) وفي الرواية الاخرى قال: (أهللنا بالحج) وهذا كله لا ينفي تغير الأمر بعد ذلك.

الثالث: أنه يمكن الجمع كذلك بما قاله شيخ الاسلام ابن تيميه، أن الذين قالو أنه أفرد الحج أرادوا به الرد على من قال: تمتع بالعمرة الى الحج وحل من إحرامه، وعلى من قال انه طاف طوافين وسعى سعيين، فبين هؤلاء أنه لم يفعل إلا أفعال الحج لم يحل من إحرامه ولا زاد عليها، يوضح ذلك أن أكثر الذين روى عنهم إفراد الحج كعائشة وابن عمر، روى عنهم أنه تمتع بالعمرة إلى الحج كما هو ثابت عنهما. الفتاوي 26/ 82 والله أعلم) انتهى كلام الشريم.

ومن ادعى إمكانية الجمع فقد غلط كائناً من كان، بالغا ما بلغ من العلم والجلالة. إلا على قول من قال: إنه كان قارناً يلبي بهما معاً فسمع بعضهم الحج والعمرة معا، وسمع بعضهم الحج دون العمره، وبعض العمرة دون الحج فروى كل ماسمع، وعلى أن غير ممكن، فالمصير إلى الترجيح واجب ولا شك عند من جمع بين العلم والانصاف، أن أحاديث القران أرجح من جهات متعدده منها مايلي:

1 – كثرة من رواها من الصحابة، وقد ذكر ابن القيم أنها رواها سبعة عشر صحابياً وأحاديث الافراد لم يروها إلا خمسة من الصحابة.

2 – أن كثرة الرواة من المرجحات، قال في مراقي السعود:

وكثرة الدليل والرواية مرجح لدى ذوي الدراية

3 – أن من روي عنهم بالافراد، روي عنهم القران أيضاً.

4 – أن الذين قالوا بأفضلية الإفراد معترفون بأن من رووا القران صادقون في ذلك وأنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا باتفاق الطائفتين، إلا أن بعضهم يقولون: إنه لم يكن قارنا في أول الامر، وإنما صار قارنا في آخره.

الخامس: اعلم أن مذهب ابن عباس في أن من طاف حل بعمرة شاء أو أبى، مذهب مهجور، خالفه فيه الصحابه والتابعون فمن بعدهم، فهو كقوله: بنفي العول، وبأن الام لا يحجبها من الثلث الى السدس أقل من ثلاثة.

فإن قيل: مذهبه هذا ليس كذلك، لانه دلت عليه نصوص.

فالجواب: هو ماذكرنا من حجج من خالفوه وهم عامة علماء الامة والعلم عند الله تعالى.

السادس: اعلم أن قول بعض المتأخرين بمنع الافراد مطلقاً مخالف للصواب.

قال الشنقيطي رحمة الله:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير