تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبوسليمان السلفي]ــــــــ[28 - 11 - 08, 08:03 م]ـ

السعي بين الصفا والمروة

هل هو ركن لايجبر بدم أم واجب يجبر بدم أم سنة

اختلف العلماء في السعي بين الصفا والمروة في الحج والعمرة، هل هو ركن من أركان الحج والعمرة لا يجبر بدم، أو هو واجب يجبر بدم، أو سنه لا يلزم بتركه دم؟

اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول: وهو قول جماهير العلماء من الصحابه والتابعين ومن بعدهم، قالوا إن السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة لا يصحان إلا به ولا يجبر بدم، واستدلوا على ذلك بأدلة منها:

1 - قوله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله) فالتصريح بأنها من شعائر الله يدل على أن السعي بينهما أمر حتم لا بد منه. وقد أشار البخاري إلى هذا في صحيحة فقال: باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله.

2 - أنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف في حجه وعمرته بين الصفا والمروة، وقد دل على أن ذلك لابد منه دليلان:

أحدهما: أن سعيه بين الصفا والمروة بيان لما أجمل في قوله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله) الآية، وقد تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وسلم إذا كان بيانا لنص مجمل من كتاب الله، أن ذلك الفعل يكون لازما، والدليل على أنه فعله بيانا لما أجمل هو قوله في الحديث: ((نبدأ بما بدأ الله به)) وفي رواية ((أبدأ)). بهمزة المتكلم، وعند النسائي ((إبدءوا)) بصيغة الأمر.

ثانيهما: أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لتأخذوا عني مناسككم)) وقد طاف بين الصفا والمروة فيلزمنا أن نأخذ عنه ذلك من مناسكنا.

3 - ما رواه البخاري ومسلم عن هشام بن عروه عن أبيه عن عائشة قال: قلت لها: إني لا أظن رجلا لو لم يطف بين الصفا والمروة ما ضره؟

قالت: لم؟ قلت: لأن الله تعالى يقول: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) الايه. فقالت: ما أتم الله حج أمريء ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة، ولو كان كما تقول لكان ((فلا جناح عليه ألا يطوف بهما)). الحديث. وهذا لفظ مسلم.

فهذه الرواية الثابتة عن عائشة –رضي الله عنها- فيها الدلالة الواضحة على أن السعي بين الصفا والمروة ركن لابد منه، لأنها قالت: فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة.

تنبيه:

اعلم أن ما يظنه كثير من أهل العلم، من أن حديث عائشة هذا الدال على أن السعي لا بد منه وأنه لا يتم بدونه حج ولا عمره أنه موقوف عليها غير صواب، بل هو مرفوع كما ذكر ذلك الحافظ أبن حجر – رحمه الله- لان جزمها بأنه لايتم حج ولا عمره الابذلك دليل على أنها إنما أخذت ذلك مما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا برأي منها كما ترى.

4 - واستدلوا كذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم – ((إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا)) رواه أحمد والشافعي والحاكم في المستدرك وسكت عليه. والبيهقي والدار قطني وغيرهم.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس , ومن حديث حبيبة بنت أبي تجرأه , ومن حديث تملك العبد ريه , ومن حديث صفيه بنت شيبه , فأما حديث حبيبه فإن في إسناده عبد الله بن المؤمل وقد وثقه ابن حيان , وضعفه غيره , وحديث صفيه في إسناده موسى بن عبيدة , وهو ضعيف , وحديث تملك العبد ريه فيه المثنى بن الصباح وقد ضعفه جماعه , ووثقه ابن معين في رواية.

وحديث ابن عباس فيه المفضل بن صدقة وهو متروك. وبعض طرق هذا الحديث لاتقل عن درجه القبول , وقد حسن بعض طرقة النووي وابن الهمام، وهو معتضد بما ذكرناه من حديث عائشة عند الشيخين وبظاهر الآية كما ذكرنا.

5 – واستدلوا كذلك بحديث أبي موسى المتفق عليه، قال: قدمت على رسول الله صلى الله علية وسلم وهو منيخ بالبطحاء فقال لي: (أحججت؟ فقلت: نعم، فقال: بم أهللت؟ قال: قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم قال: فقد أحسنت. طف بالبيت وبالصفاء والمروة). الحديث. قالوا فقوله صلى الله عليه وسلم (طف بالبيت وبالصفاء والمروة) أمر صريح منه صلى الله عليه وسلم بذلك، وصيغة الأمر تقتضي الوجوب ما لم يقم دليل صارف عن ذلك.

6 – واستدلوا كذلك بقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة (يجزئ عنك طوافك بين الصفاء والمروة عن حجك وعمرتك) وهذا لفظ مسلم.

قالوا: يفهم منه أنها لو لم تطف بينهما لم يحصل لها إجزاء عن حجها وعمرتها، هذا هو حاصل ما استدل به القانون بأنه ركن من أركان الحج والعمرة.

القول الثاني:

وهو مروي عن ابن مسعود وأبي بن كعب وأنس وابن عباس وابن الزبير وابن سيرين، قالوا: إن السعي بين الصفاء والمروة سنة لا يجب بتركه شي.

ودليلهم في ذلك:

أن الله نفي الجناح عمن لم يطف بين الصفاء والمروة في قولة: (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) وهو دليل قرآني على عدم الوجوب كما قاله عروة بن الزبير لخالته عائشة رضي الله عنها ويجاب عن هذا الاستدلال بما أجابت به عائشة عروة أولاً: بذمها لتفسير عروة للآية بقولها له: (بئس ماقلت يا ابن أختي) رواه مسلم.

وثانياً: أنها بينت سبب نزول الآية وأنها نزلت في أناس من الأنصار كانوا إذا أهلّوا أهلّوا لمناة في الجاهلية فلا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفاء والمروة، فلما قدموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فأنزل الله هذه الآية ... الحديث) رواه مسلم.

فإن قيل:

جاء في بعض قراءات الصحابة (فلا جناح عليه ألا يطوف بهما).

فالجواب: أن هذه القراءة لم تثبت قرآناً بالإجماع من الصحابة على عدم كتابتها في المصاحف العثمانية، وما ذكره الصحابة على أنه قرآن، ولم يثبت كونه قرآنا، فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه لايستدل به على شيء، وهو مذهب مالك والشافعي.

القول الثالث:

وهو قول أبي حنيفة وأصحابه الحسن وقتادة والثوري وذكره النووي رواية عن أحمد، وقد رواه ابن القصار من المالكية عن مالك، وقال ابن قدامه: إنه أولى قالوا: إنه واجب يجبر بدم وحُجة هؤلاء هي أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بينهما فدل ذلك على أن الطواف بينهما نسك، وفي الأثر المروي عن ابن عباس: (من ترك نسكاً فعليه دم).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير