ـ[أبوسليمان السلفي]ــــــــ[01 - 12 - 08, 07:11 ص]ـ
متى يبدأ الرمي أيام التشريق؟
اعلم أن التحقيق أنه لا يجوز الرمي أيام التشريق إلا بعد الزوال، لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم من حديث جابر قال: ((رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد فإذا زالت الشمس)) رواه البخاري تعليقاً مجزوماً به بلفظ. وقال جابر: ((رمى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى ورمى بعد ذلك بعد الزوال)) ثم ساق البخاري بسنده عن ابن عمر قال: كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا))
قال الشنقيطي - رحمه الله –
وبهذه النصوص الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم تعلم أن قول عطاء (1) وطاوس بجواز الرمي في أيام التشريق قبل الزوال، وترخيص أبي حنيفة (2) في الرمي يوم النفر قبل الزوال، وقول اسحاق (3) إن رمى قبل الزوال في اليوم الثالث (4) أجزأه، كل ذلك خلاف التحقيق، لأنه مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم الثابت عنه المعتضد بقوله: ((لتأخذوا عني مناسككم)) ولذلك خالف أبي حنيفة في ترخيصه المذكور صاحباه محمد وأبو يوسف، ولم يرد في كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم شيء يخالف ذلك، فالقول بالرمي قبل الزوال أيام التشريق لا مستند له البتة، مع مخالفته للسنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، فلا ينبغي لأحد أن يفعله والعلم عند الله تعالى.
(1) قلت: نسبة الشيخ –رحمه الله- القول هنا إلى عطاء بجواز الرمي في أيام التشريق قبل الزوال مخالف لما وجدته في المجموع والمغني من أن عطاء لا يرى جواز رمي أيام التشريق إلا بعد الزوال، ولكن لعل المؤلف أخذ هذا من الشوكاني في نيل الأوطار فإن المؤلف –رحمه الله – ينقل منه كثيراً والعلم عند الله
(2) قلت: الصحيح أن أبا حنيفة جاء عنه روايتان في ذلك: أشهرها أنه يجوز الرمي قبل الزوال في اليوم الثالث – يعني الرابع من ايام الرمي – استحسانا كما ذكر ذلك صاحب مختصر الخلافيات للبيهقي، وذكره صاحب بدائع الصنائع والنووي في المجموع وصاحب المبسوط وغيرهم وهو قول كثير من فقهاء الحنفيه.
ووجه كونه استحساناً عند ابي حنيفه هو أن التعجل جائز للحاج وهو بذلك يترك رمي اليوم الثالث بالكليه فإذننا له في تقديم الرمي قبل الزوال من باب أولى.
(3) قلت: اعلم أن طاوس يقول بجواز الرمي قبل الزوال وكذا النفر قبله، بخلاف أصحاب الرأي وإسحاق ورواية عن أحمد، فإنهم يرخصون في الرمي قبل الزوال، ولا ينفر إلا بعد الزوال، كما نقل ذلك ابن قدامة، والمؤلف – رحمه الله – لم يشر الى هذا التفريق هنا فتنبه.
(4) قلت: المراد باليوم الثالث هنا: هو اليوم الأخير من أيام التشريق والفقهاء يطلقون أيام التشريق الأول والثاني والثالث على ماعدا يوم النحر
ـ[أبوسليمان السلفي]ــــــــ[01 - 12 - 08, 09:34 ص]ـ
التحلل وما يحصل به وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: هل الحلق نسك أم لا؟
من قال انه نسك قال: إن التحلل الأول لا يكون إلا بعد الرمي والحلق معاً، ومن قال: إن الحلق غير نسك قال: يتحلل التحلل الأول بمجرد انتهائه من رمي جمرة العقبة يوم النحر.
وقال الشنقيطي –رحمه الله-
وأظهر القولين عندي أن الحلق نسك (1) ولا شك أن الذي تدل النصوص على رجحانه أن الحلق نسك لقوله تعال: (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله). وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يحلقوا، ودعا للمحلقين ثم دعا للمقصرين.
(1) قلت: المؤلف - رحمه الله – لم يبين الفرق بين كون الحلق نسكاً أو غير نسك، وخلاصة ذلك أن معنى كون الحلق نسكاً في الحج والعمرة وهو قول أبي حنيفه ومالك والأصح عن الشافعي وظاهر مذهب أحمد، أنه مأمور به ولا بدّ من فعله لقوله تعالى: (محلقين رؤوسكم ومقصرين) وقوله صلى الله عليه وسلم (من لم يكن معه هدي فليطف بالبيت وبين الصفا والمروة وليقصر) رواه البخاري ومسلم، وفي حديث جابر ((أحلوا من إحرامكم بطواف بين الصفا والمروة وقصروا)) رواه البخاري، وأمره يقتضي الوجوب، ولان النبي صلى الله عليه وسلم ترحم على المحلقين ثلاثاً وعلى المقصرين مرة.
وأما كونه ليس نسكاً وهو روايتين عن أحمد والشافعي، لأنه إنما هو إطلاق من محظور كان محرماً عليه بالإحرام، كاللباس والطيب وسائر المحظورات، فعلى هذا لا شيء عليه لو تركه ويحصل الحل بدونه. ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالحل من العمرة قبله، فروى أبو موسى قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: (بم أهللت؟ قلت: لبيك بإهلال كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أحسنت، فأمرني فطف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم قال لي: ((أحل)) متفق عليه، وفي حديث جابر: ((فليحل وليجعلها عمرة)) رواه مسلم ولم يذكر الحلق، هذا حاصل الفرق بين المسألتين والله أعلم.
¥