الرابع: دمُ الإحصار، ويكون بسبب انحسابه عن إتمام المناسك لمرض أو عَدُوٍّ أو غير ذلك، ولا يكون قد اشترط عند إحرامه، أي لم يقل عند تلبية بالحج: اللهم مِحَليِّ حيث حبستني.
الخامس: دمُ الوطءِ، وهو دم يُفرض على الحاج إذا وطىءَ أثناء حجه، فإن كان قد وطىءَ قبل رمي جمرة العقبة صبيحة يوم النحر فعليه بدنة، مع بطلان حجهِّ، وإن كان وطىءَ بعد الرمي وقبل طواف الافاضه فعليه شاة.
ومثل الرجل في هذه المرأة سواءً بسواءٍ، غير أَنها إذا كانت مكرهةً في وطئِها فلا هدي عليها، وأيضاً فإن حجَّها صحيح بخلاف زوجها الواطىءِ، إن كان قد وطىءَ قبل رمي جمرة العقبة.
ولا يجب على الحاج دمٌ غير هذه الدماءِ، إذ ليس على ذلك دليل يصلح للاعتماد عليه، وقد اعتمد الفقهاءُ قديماً وحديثاً في كثرة الدماءِ التي يوجبونها في مخالفات الحج، على أَثر ابن عباس رضي الله عنهما المشهور وهو: " من نسي من نُسُكِهِ شيئاً أو تركه فليُهْرِقْ دماً ".
وهذا الأثر فضلاً عن كونه مُصادماً لصريح السُّنة كما سنبين، فهو قد تفرد به ابن عباس رضي الله عنهما، فيُصْبح رأْياً ارتآه ابن عباس وحده، مصادماً لصريح السُّنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلكم: " أَن رجلاً جاءَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو متضمِّخٌ بطيب، فقال: يارسول الله، كيف ترى في رجل أحرم في جُبَّةٍ بعدما تضَمَّخَ بطيب؟. فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم ساعةً، فجاءه الوحي، ثم سُرِّيَ عنه فقال: أَين الذي سألني عن العمرة آنفاً، فالْتُمِسَ الرجلُ فجيءَ به فقال: أَمَّا الطِّيبُ الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجُبَّة فانزِعها، ثم اصنع في العمرة كلَّ ما تصنع في حجَّك ".
فهذا الحديث، يدلُّ دلالةً صريحة، على أَن من أتى مخالفةً أو محظوراً من محظورات الإحرام، فليس عليه إلا أن يدعه فقط، لأن الرسول عليه السلام لم يأمر الرجل لا بس الجبَّة المتضمخ بطيب النِّساء ـ وهو الخلوق كما جاء في رواية أخرى ـ إلا أن ينزع الجبَّة ويغسل الطيب، ولم يأْمره بذبح هدي الجزاء، ولوكان واجباً لأَمره به، لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجه، والحاجة قائمة هنا، والوحي قد نزل بالحكم الفصل.
والصحابي مهما بلغ من منزلة وعلم، فأثره لا يُقَدَّم على سنَّةٍ صحيحة صريحة من سنن الرسول صلوات الله عليه.
إذاً فمن الحق أن يقال:إنَّ ابن عباس ـ رضي الله عنه، على جلالة قدره في العلم ـ اجتهد رأْيه، فلربما لم يبلغه هذا الحديث الصحيح، واختلاف الصحابة مشهور لا يخفى، وهو مبنيٌّ على هذا الأْصل، ألا وهو: خفاءُ السنن، وعلى تفاوتهم في العلم.
ولا يقال هنا:إن الصحابة لم ينكروا عليه، فعدم معرفتنا بذلك لا يعني أن الصحابة لم ينكروا، غاية ما يقال:إنه لم يصلنا.
ولا ننسى أنَّ كثرة الدماءلم تؤد إلى أَلتساهُلِ في المناسك فحسب، بل إلى الأستهانة بأداءِ مناسِكِ الحج، وإتمامها على مثل ما بينَّ الرسول عليه السلام، وهذا أَخطر مافي التدميم.
نقلاً من كتاب " إرشاد الساري إلى عبادة الباري ـ القسم الثاني الحج " (ص 42 ـ 44).
والله تعالى أعلم ... نفع الله بكم اخوتي الأفاضل .... وشكر الله سعيكم
ـ[وليد النجدي]ــــــــ[30 - 11 - 08, 06:56 م]ـ
نفع الله بالشيخ عبد الرحمن ورفع قدره
(قال الشيخ سليمان وهذا قول ابن حزم ونصره الشوكاني .. )
انتهى
لو لم يكن المخالف إلا الإمام ابن حزم والشوكاني
فابن حزم - رحمه الله - له موقف من قول الصحابي مخالف لقول جماهير أهل العلم
انظر حجية قول الصحابي عند السلف ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=1662)
بينما مذهب العلوان في أقوال الصحابة
(وهذا القول هو الصواب وذلك لأمور:
الأول: أنه قول الصحابة ولا مخالف لهم.
)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=54459
وكذا هو قول الطريفي
وقد ذكر ذلك في غير مسألة
مثال من صفة حجة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قوله - وفقه الله -
(والنائب في الحج الذي يستطيع الحج لا تجوز له النيابة حتى يحج عن نفسه أولا، لأن الأصل في الحج أنه على الفور ومن حج عن غيره، فوصوله للبيت دليل قدرته، فيكون آثماً، وهذا ما يدل عليه أثر ابن عباس في قصة شبرمة وليس له مخالف فيما أعلم من الصحابة.)
http://www.islamlight.net/index.php?option=com_remository&Itemid=29&func=counter&filecatid=115
هو قول صحابي معارض بفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حينما رخص للعباس أن يبيت بمكة , ومع ذلك لم يأمره النبي بالكفارة كما أمر كعب بن عجرة مع عذره ,فدل هذا على أن ليس كل واجب يجبر بدم. والله أعلم , واختاره ابن قدامه في المغنى , مع شدة اتباعه للمذهب إلا أنه خالف المذهب واتبع ما دل عليه الدليل.
¥