5 - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من لم يجد الإزار فليلبس السروايل) ولم يقل بالفدية وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
هذا ليس بتأخير للبيان عن وقت الحاجة، ولعل الأولى أن نقول (تأخير البيان عن وقت الحاجة لايقع من النبي صلى الله عليه وسلم) بدلا من لفظ (لايجوز) وهذا اللفظ من باب الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم.
فالقصد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر الفدية كما لم يذكر غيرها من المسائل المترتبة على ارتكاب المحظورات كفدية حلق الرأس، ومع ذلك أمر كعب بن عجرة بالفدية لحلق رأسه، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر هذه الفدية قبل ذلك.
قال الشيخ حفظه الله:
6 - حج مع النبي صلى الله عليه وسلم عشرات الآلاف ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالدم بارتكاب كل محظور وترك كل واجب مع القطع بوجود الوقوع في المحظور من جملة كثيرة منهم لأمور (كثرتهم، أنها الحجة الأولى، قلة العارفين بأحكام المناسك من الصحابة في تلك الحجة فالكل متعلم والمعلم وحده محمد صلى الله عليه وسلم،
هذا استدلال عام قد يقابل بالقول بأن الصحابة رضي الله عنهم فهموا مناسك الحج وطبقوها، حيث كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول لهم (خذوا عني مناسككم)، فلهذا لم ينقل عنهم ترك بعض الواجبات أو ارتكاب المحظورات.
قال الشيخ حفظه الله:
7 - عدم ورود الفدية لتارك كل واجب وفاعل كل محظور مع تتابع الحج والعمرة وكذلك غيرهم من الصحابة كبارا وصغار سوى ابن عباس.
8 - هذه المسألة يحتاج إليها كل محرم فهي من أعلام المسائل ومشهورها وتقع جزما في كل حج من الحجاج فأني النص من الوحي؟؟؟!!
ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم الفدية فيمن وطأ زوجته وإن كان في بعض أسانيدها كلام، وكما ذكر بعض الإخوة في المشاركات السابقة أثر ابن عمر رضي الله عنه في الموطأ
عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر أنه قال: " المحصر بمرض لا يحل. حتى يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة. فإذا اضطر إلى لبس شيء من الثياب التي لا بد له منها، أو الدواء، صنع ذلك وافتدى "
قال الشيخ حفظه الله:
9 - حينما جاء رجل متضخا بخلوق (طيب) وعليه جبه وهو محرم أمره النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الطيب ولم يأمره بدم.
10 - أن أموال الناس معصومة والأصل براءة الذمة.
أما الرجل الذي تضمخ بالطيب فكان في عمرة الجعرانية، وهو لازال في الجعرانة خارج الحرم، وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ودخل الحرم، فالمتضمخ كان في ميقات العمرة وهي الجعرانة وهو في شأنالإحرام قبل أن ينزل فيه وحي، ثم نزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي وأخبره
ولفظ الحديث في مسند أحمد وهو في الصحيحين:
ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال أخبرني عطاء أن صفوان بن يعلى بن أمية أخبره ان يعلى كان يقول لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ليتني أرى النبي صلى الله عليه و سلم حين ينزل عليه قال فلما كان بالجعرانة وعلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ثوب قد أطل به معه ناس من أصحابه منهم عمر إذ جاءه رجل عليه جبة متضمخا بطيب قال فقال يا رسول الله كيف ترى في رجل احرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب فنظر النبي صلى الله عليه و سلم ساعة ثم سكت فجاءه الوحي فأشار عمر إلى يعلى ان تعال فجاء يعلى فادخل رأسه فإذا النبي صلى الله عليه و سلم محمر الوجه يغط كذلك ساعة ثم سري عنه فقال أين الذي سألني عن العمرة آنفا فالتمس الرجل فآتي به فقال النبي صلى الله عليه و سلم أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات واما الجبة فانزعها ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك
تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
قال الشيخ حفظه الله:
11 - أن من حكى الإجماع فلا يسلم له ذلك من وجوه:
(أن إمام المناسك عطاء جاء عنه عدم لزوم الدم فيمن ترك بعض الواجبات.انتهى.
جاء في المناسك لابن أبي عروبة سئل عن رجل دخل مكة بغير إحرام
عن قتادة قال: كتبنا إلى سعيد بن جبير في التاجر يدخل مكة بغير إحرام؟ فكتب: إنه كان يقول: أدخلها بإحرام، ثم حضر بغير إحرام، ثم حضر الحج، خرج من الحرم إلى جدة فأحرم، فإن خشي الفوت أهل من مكة، وعليه دم، عن عطاء مثل قول قتادة.
وهذه المسألة من المسائل التي تحتاج لمباحثة ومناقشة بين أهل العلم لإهميتها لكثير من الحجاج والمعتمرين، ولايثرب على من أخذ بأحد هذه الأقوال اتباعا للدليل الذي توصل إليه، ولازال أهل العلم يختلفون في مسائل متعددة فيما يتعلق بالمناسك وغيرها، ولكل عالم وطالب علم اجتهاده،والله الموفق.
ـ[أبا محمد المكي]ــــــــ[01 - 12 - 08, 08:09 ص]ـ
قال العلامة محمد بن عثيمين في كتاب المناسك:
والذي صحت فيه الفدية ثلاثة أشياء:
الأول: حلق شعر الرأس.
الثاني: جزاء الصيد.
الثالث: الجماع، صح عن الصحابة.
والباقي ذكر بالقياس وذكرنا أن بعض الأقيسة لا تصح وحينئذٍ نذكر قاعدة مهمة جداً، أولاً: أنه لا واجب إلا ما أوجب الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم. ثانياً: أنه لا يجوز استحلال أموال المعصومين إلا بدليل، فلا نقول لهم: يجب أن تخرجوا شيئاً من أموالكم إلا بدليل، هذا هو الأصل، ولكن ذكرت أنه من باب التربية والتوجيه ينبغي ألا تخرج عما كان عليه جمهور العلماء بالنسبة للإفتاء العام، أما بالنسبة للعلم كعلمٍ نظري، فلا بد أن يبين الحق، وكذلك لو فرض أن شخصاً معيناً استفتاك في مسألة ترى فيها خلاف ما يراه جمهور الفقهاء، فلا بأس أن تفتيه ما دمت تثق أن الرجل عنده احترام لشرع الله، فهنا يفرق بين الفتوى العامة والفتوى الخاصة وبين العلم النظري والعلم التربوي، وقد كان بعض أهل العلم يفتي في بعض المسائل سراً كمسألة الطلاق الثلاث كجد شيخ الإسلام أبي البركات، وهذه طريقة العلماء الربانيين الذين يربون الناس حتى يلتزموا بشريعة الله.
¥