تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وما روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة فقد خالفهم من أهل القدوة وذكر بعضهم كمجاهد وطاووس وعطاء بن أبي رباح وابن جريح وابن أبي نجيح.

وقال أبو محمد علي بن حزم في كتابه (المحلى) بعد أن ذكر جمهرة من السلف قالوا بجواز التقديم والتأخير في مناسك الحج دون أثم أو كفارة قال (وقد روي عن بعض السلف غير هذا وذكر قول بن عباس وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وجبار بن زيد ثم قال: (قال أبو محمد أما الرواية عن ابن عباس فواهية لأنها عن إبراهيم بن مهاجر وهو ضعيف وأما قول إبراهيم وجبار بن زيد في أن من حلق قبل الذبح والنحر فعليه دم أو فدية واحتجاجهم بقوله تعالى: "وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ" [البقرة:196]. فغفلة ممن احتج بهذا لأن محل الهدي هو يوم النحر بمنى أو بمكة فإذا دخل يوم النحر والهدي بمنى أو مكة فقد بلغ محله فحل الحلق. ولم يقل الله تعالى: "حتى تنحروا أو تذبحوا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل ذلك مباح ولا حجة في قول أحد سواه عليه السلام".

- ثم قال بعد ذكره حكاية أقوال لبعض الفقهاء في الفدية لمن حلق قبل الذبح (كل هذه الأقوال في غاية الفساد لأنها كلها دعاوى بلا دليل لا من القرآن ولا من السنة ولا من قول صاحب ولا من قياس ولا رأي سديد).

- وقال أبو جعفر الطحاوي في كتابه شرح معاني الآثار (قصد ابن عباس أنه يجب على من قدم شيئاً من نسكه أو أخره دما وهو أحد من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر من أمر الحج إلا قال (إفعل ولا حرج) فلم يكن معنى ذلك عنده معنى الإباحة في تقديم ما قدموا ولا في تأخير ما أخروا مما ذكرنا إذ كان يوجب ذلك دما ولكن معنى ذلك عنده على أن الذي فعلوه في حجة النبي صلى الله عليه وسلم كان على الجهل منهم بالحكم فيه كيف هو فعذرهم بجهلهم وأمرهم في المستأنف أن يتعلموا مناسكهم).

- أما شراح الموطأ كالباجي والزرقاني وزكريا الكاندهلوي فراحوا لتبرير الفدية في كلام ابن عباس في التقديم والتأخير الذي رواه مالك في الموطأ بأن قسموا أعمال الحج إلى ثلاثة أنواع: أركان وواجبات وسنن فالأركان لا يصح الحج إلا بها والواجبات تجبر بدم والسنن لا شيء فيها وحملوا قول ابن عباس على الواجبات وهذا التصنيع منهم حماية على المذهب لا غير في حين أن أعمال الحج التي جرى فيها إباحة التقديم والتأخير ورفع الحرج كما في الحديث الصحيح وعن ابن عباس نفسه –فيها الركن كطواف الإفاضة وهو ركن والحلق والنحر وهما واجبان والترتيب بين أفعال الحج سنة.

وفي الاستذكار:

- قال ابن عبد البر: (لا أعلم لأهل العلم جواباً في "المتعمد" في تقديم أو تأخير أنساك يوم العيد في ذلك شيئاً ولو كان "المتعمد" مخالفاً للجاهل والساهي لفرقوا بينه في أجوبتهم وفي كتبهم إلا أن ابن عباس روى عنه أنه قال (من قدم نسكه شيئاً أو أخره فليهرق دما) ولم يفرق بين ساه ولا عامد. وليست الرواية عنه بالقوية).

- وقال ابن عبد البر في (التمهيد) والقرطبي في (المفهم): (روى عن ابن عباس ولم يثبت عنه: أن من قدم شيئاً على شيء فعليه دم. وبه قال سعيد بن جبير وقتادة والحسن).

- وذهب السلف والخلف في أن قوله (لا حرج) ظاهر في رفع الإثم والفدية معا لأن اسم الضيق يشملهما، قال الطحاوي: ظاهر الحديث يدل على التوسعة في تقديم بعض هذه الأشياء على بعض إلا أنه يحتمل أن يكون قوله (لا حرج) أي لا أثم في ذلك الفعل لمن كان ناسياً أو جاهلاً أما من تعمد المخالفة فتجب عليه الفدية وتعقب الحافظ ابن حجر قول الطحاوي هذا: بأن وجوب الفدية يحتاج إلى دليل ولو كانت واجبة لبينها الرسول حينئذ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

وقال الطبري: لم يسقط النبي الحرج إلا وقد أجزأ الفعل إذا لو لم يجزئ لأمره بالإعادة قلت (كما أمر المسيء صلاته بالإعادة) لأن الجهل والنسيان لا يضعان عن المرء الحكم الذي يلزمه في الحج كما لو ترك الرمي ونحوه فإنه لا يأثم بتركه جاهلاً أو ناسياً لكن تجب عليه الإعادة. من دون فدية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير