[العبادات الواردة على وجوه متعددة - للشيخ عبد العزيز العويد]
ـ[أبو مقبل]ــــــــ[12 - 05 - 03, 12:32 ص]ـ
[العبادات الواردة على وجوه متعددة - للشيخ عبد العزيز العويد]
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وبعد.
فهذا جمع لبعض صور قاعدة " العبادات الواردة على وجوه متعددة يجوز فعلها على جميع تلك الوجوه " من غير كراهة لبعضها، وإن كان بضها أفضل من بعض " ولم أرد من هذا البحث استقصاء صور هذه القاعدة، وإنما الإشارة لبعضها، ويلحق بهذه الصور ما كان موافقاً لها، والله هو حسبي ونعم الوكيل. إذ المقصد من ذلك إيقاف المسلم على هذه السنن لحفظها، والعمل بها، والفوز بأجرها – لا حرمنا الله وإياكم الأجر-.
اعلم – رعاك الله – أن العبادات الواردة على وجوه متعددة يستحب للمسلم فيها أن يحرص على الإتيان بها جميعا في أوقات شتى دون الجمع بينها – على الصحيح من قولي أهل العلم – لما في ذلك من اتباع السنة، وإحيائها، وما يكون في ذلك من حضور القلب، فإن الإنسان إذا داوم على وجه واحد في كل عبادة جاءت على وجوه متعددة كان في ذلك هجر لباقي تلك الوجوه – وهي من السنن -، والإتيان بذلك الوجه من غير استشعار له حتى يصير كأنه عادة كما هو معروف، مع مراعاة أنه لا ينبغي الجمع بين جميع هذه الوجوه في كل عبادة لأن هذا أمر محدث في الدين، وخلاف عمل الناس، كما حرر هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى– في " مجموع الفتاوى " 22/ 335 - 337، والعلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى– في " جلاء الأفهام " ص 321.
ومن المناسب قبل الشروع في إيراد بعض صور القاعدة أن نذكر ما نص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – كما في " مجموع الفتاوي " 22/ 264 في بيان أقسام العبادات:
1 - قسم ثبت فيه أن النبي – صلى الله عليه وسلم - سنّ كلا الأمرين، ولا إثم على من فعل أحدهما، والنزاع في الأفضل كأنواع الاستفتاحات، والقراءات.
2 - قسم اتفقت الأمة على أن من فعل أحد الأمرين لم يأثم، وصحت عبادته، وإنما تنازعوا فيما كان النبي – صلى الله عليه وسلم - يفعله، والسنة قد سوغت الأمرين، كالقنوت في الفجر، والوتر، والجهر بالبسملة.
3 - قسم ثبت فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم – سنّ الأمرين، لكن بعض أهل العلم حرم أحدهما أو كرهه، إما أنه لم يبلغه، أو تأول الحديث تأويلا ضعيفا كأنواع التشهدات، والأذان والإقامة.
4 - قسم تنازع فيه العلماء فأوجب أحدهم شيئا، أو استحبه، وحرمه آخرون كقراءة الفاتحة خلف الإمام حال الجهر، وفعل الصلاة التي لها سبب بعد الفجر والعصر كتحية المسجد.
وهذه القاعدة النافعة الجليلة قد جمعت ما في الأقسام الثلاثة الأولى من الصور، وأخرجت القسم الرابع، لأن السنة لا تدل فيه إلا على أمر واحد، والتعدد فيه غير وارد.
واعلم – حظك الله – أن القاعدة سيقت لبيان الوجوه المتعددة لا الأحوال، فإن الوجوه يجوز فعلها في أوقات شتى، أما الأحوال فتفعل كل عبادة في الحالة التي تخصها، والصفة المناسبة لها على ما ثبت عنه – صلى الله عليه وسلم -، وهذه ليست داخلة في البحث كالتنوع في صفات صلاة الخوف – على الصحيح من قولي أهل العلم -.
وإليك – رعاك الله – بعض ما تيسر جمعه من صور ومسائل هذه القاعدة:
1 - الوضوء بيد واحدة أو بكلتا اليدين:
أ – أخذ الماء في الوضوء بكلتا اليدين: حديث عبد الله بن زيد السابق، فوقع في رواية البخاري:" ثم أدخل يديه فاغترف بهما فغسل وجهه ثلاثا …. ".
ب – أخذ الماء في الوضوء بيد واحدة: حديث عبد الله بن زيد – رضي الله عنه – في صفة وضوء النبي – صلى الله عليه وسلم – وفيه: " ثم أدخل يده في التور (الإناء الصغير) فغسل وجهه ثلاثا …. " متفق عليه.
ج – أخذ الماء بإحدى اليدين، وإضافة اليد الأخرى لها: حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – في صفة وضوء النبي – صلى الله عليه وسلم – وفيه: " ثم أخذ غرفة فجعل فيها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بها وجهه …… ".
¥