[التحذير من دعاة البدعة و بدعهم ليس غيبة]
ـ[عباس رحيم]ــــــــ[12 - 05 - 03, 10:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أعلم رحمك الله و أرشدك إلى طاعته أن التحذير من دعاة البدعة و بدعهم ليس غيبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تعالى ((لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم وكان الله سميعا عليما)).
روى ابن كثير عن مجاهد في تفسير هذه الآية قال: أضاف رجل رجلا فلم يؤدّ إليه حق ضيافته فلما خرج أخبر الناس فقال: ضفت فلانا فلم يؤد إليّ حق ضيافتي، قال: فذلك الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم حتى يؤدي الآخر إليه حق ضيافته. اهـ. تفسير ابن كثير ج1 ص 571.
و وجه الدلالة: أنه إذا جاز الانتصار للنفس بالجهر بالسوء لمن ظلم في حق ظالمه، وذكر ظلمه للناي وإطلاعهم عليه، فالانتصار لدين الله أولى وآكد، و من ذلك الجهر بالسوء في حق أهل البدع وغيرهم والطعن عليهم بما هم عليه من فساد في الاعتقاد وتلبس بالبدع حتى يحذرهم الناس ويعرفوهم، وبذلك تتم النصيحة لله ولرسوله وللمسلمين، التي هي حقيقة هذا الدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما السنة فقد دلت على جواز ذلك، ومن ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذم بعض أهل الفساد ـ ممن هم في حكم أهل البدع ـ تحذيرا للناس منهم.
فقد روى الشيخان عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت ((استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام. قلت: يا رسول الله قلت الذي قلت، ثم ألنت له الكلام. قال: أي عائشة، إن شر الناس من تركه ـ أو ودعه ـ اتقاء فحشه)) رواه البخاري ومسلم.
قال النووي رحمه الله في شرح الحديث: قال القاضي (أي القاضي عياض بن موسى)، هذا الرجل هو عيينة بن حصن ولم يكن أسلم حينئذ، و إن كان قد أظهر الإسلام، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين حاله ليعرفه الناس ولا يغترّ به من لم يعرف حاله.
و نظير هذا الحديث ما رواه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت ((قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أظن فلانا وفلانا يعرفان من ديننا شيئا)) صحيح البخاري كتاب الأدب، باب ما يجوز من الظن.
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم لهذين الرجلين إنما هو للتحذير منهما والحكم جارٍ على أمثالهما من أهل الفساد، أن يحذر منهم.
قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث: إن مثل هذا الذي وقع في الحديث ليس من الظن المنهي عنه، لأنه في مقام التحذير من مثل من كان حاله كحال الرجلين. اهـ. فتح الباري ج 10 ص 486.
و مما يستشهد به في هذا الباب من السنة أيضا ما ثبت في صحيح مسلم من قصة فاطمة بنت قيس، حين شاورت النبي صلى الله عليه وسلم فيمن تنكح؟ لما خطبها معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له)).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد أن ساق هذا الحديث: و كان هذا نصحا لها ـ وإن تضمّن ذكر عيب الخاطب ـ وفي معنى هذا نصح الرجل فيمن يعامله، ومن يوكله، ويوصي إليه، ومن يستشهده، وبل ومن يتحاكم إليه، وأمثال ذلك، وإن كان هذا في مصلحة خاصة فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق عموم المسلمين: من الأمراء والحكام والشهود والعمال: أهل الديوان وغيرهم، فلا ريب أن النصح في ذلك أعظم. اهـ. مجموع الفتاوى ج 28 ص 230.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و هذه بعض أقوال علماء السلف في بيان مشروعية التحذير علانية من دعاة البدعة و بدعهم:
1) قيل لأحمد بن حنبل رحمه الله: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل. اهـ. مجموع الفتاوى لأبن تيمية ج 28 ص 231.
¥