تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي قَالَ إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ". أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلامِ وَإِنَّ مِنَّا رِجَالاً يَأْتُونَ الْكُهَّانَ قَالَ: " فَلا تَأْتِهِمْ ". قَالَ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ؟ قَالَ: " ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلا يَصُدَّنَّهُمْ ". قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ: فَلا يَصُدَّنَّكُمْ. قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ قَالَ: " كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ ".

قال في عون المعبود ح795

(وَمِنَّا رِجَال يَخُطُّونَ)

: الْخَطّ عِنْد الْعَرَب فِيمَا فَسَّرَهُ اِبْن الْأَعْرَابِيّ، قَالَ: يَأْتِي الرَّجُل الْعَرَّاف وَبَيْن يَدَيْهِ غُلَام فَيَأْمُرهُ أَنْ يَخُطّ فِي الرَّمْل خُطُوطًا كَثِيرَة وَهُوَ يَقُول: اِبْنَيْ عِيَان أَسْرِعَا الْبَيَان ثُمَّ يَأْمُر مَنْ يَمْحُو مِنْهَا اِثْنَيْنِ اِثْنَيْنِ حَتَّى يَنْظُر آخِر مَا يَبْقَى مِنْ تِلْكَ الْخُطُوط. فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي زَوْجًا فَهُوَ دَلِيل الْفَلَاح وَالظَّفْر، وَإِنْ بَقِيَ فَرْدًا فَهُوَ دَلِيل الْخَيْبَة وَالْيَأْس، وَقَدْ طَوَّلَ الْكَلَام فِي لِسَان الْعَرَب.

(قَالَ كَانَ نَبِيّ مِنْ الْأَنْبِيَاء يَخُطّ)

: أَيْ فَيُعْرَف بِالْفِرَاسَةِ بِتَوَسُّطِ تِلْكَ الْخُطُوط قِيلَ هُوَ إِدْرِيس أَوْ دَانْيَال عَلَيْهِمَا الصَّلاة وَالسَّلام كَذَا فِي الْمِرْقَاة.

(فَمَنْ وَافَقَ)

: ضَمِير الْفَاعِل رَاجِع إِلَى مِنْ أَيْ فَمَنْ وَافَقَ فِيمَا يَخُطّ

(خَطّه)

: بِالنَّصْبِ عَلَى الأصَحّ وَنَقَلَ السَّيِّد جَمَال الدِّين عَنْ الْبَيْضَاوِيّ أَنَّ الْمَشْهُور خَطّه بِالنَّصْبِ فَيَكُون الْفَاعِل مُضْمَرًا. وَرُوِيَ مَرْفُوعًا فَيَكُون الْمَفْعُول مَحْذُوفًا اِنْتَهَى. أَيْ مَنْ وَافَقَ خَطُّهُ خَطَّهُ أَيْ خَطّ ذَلِكَ النَّبِيّ

(فَذَاكَ)

: أَيْ فَذَاكَ مُصِيب أَوْ يُصِيب، أَوْ يُعْرَف الْحَال بِالْفِرَاسَةِ كَذَلِكَ النَّبِيّ وَهُوَ كَالتَّعْلِيقِ بِالْمُحَالِ. قَالَهُ فِي الْمِرْقَاة. قَالَ النَّوَوِيّ: اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَاهُ، فَالصَّحِيح أَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ وَافَقَ خَطّه فَهُوَ مُبَاح لَهُ وَلَكِنْ لَا طَرِيق لَنَا إِلَى الْعِلْم الْيَقِينِيّ بِالْمُوَافَقَةِ فَلَا يُبَاح، وَالْمَقْصُود أَنَّهُ حَرَام لِأَنَّهُ لَا يُبَاح إِلَّا بِيَقِينِ الْمُوَافَقَة وَلَيْسَ لَنَا يَقِين بِهَا. وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ وَافَقَ خَطّه فَذَاكَ وَلَمْ يَقُلْ هُوَ حَرَام بِغَيْرِ تَعْلِيق عَلَى الْمُوَافَقَة لِئَلَّا يَتَوَهَّم مُتَوَهِّم أَنَّ هَذَا النَّهْي يَدْخُل فِيهِ ذَاكَ النَّبِيّ الَّذِي كَانَ يَخُطّ فَحَافَظَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حُرْمَة ذَاكَ النَّبِيّ مَعَ بَيَان الْحُكْم فِي حَقّنَا. فَالْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ النَّبِيّ لا مَنْع فِي حَقّه. وَكَذَا لَوْ عَلِمْتُمْ مُوَافَقَته وَلَكِنْ لا عِلْم لَكُمْ بِهَا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير