تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكتاب تاريخ المدينة في صورته التي وصلت إلينا يضم ثلاثة أقسام، أولها عن تاريخ المدينة وخططها في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ناقص في أوله. ومن آخره، ولا يخلو من سقط في مواضع متعددة في وسطه، كما أن الأحداث التي ذكرها غير مرتبة ترتيباً تاريخياً، فنجده مثلاً يذكر قدوم عروة بن مسعود الثقفي وإسلامه، ثم سرية نخلة، ثم هجرة صهيب وخباب وجبر وعمار، ثم هجرة عمر بن الخطاب، كما أنه يذكر بعض المباحث الفقهية، ومباحث في الفيء والأموال ومباحث في الخطط مثل المساجد والمقابر، والأودية والسيول والآبار والمزارع ومنازل القبائل ودورها، وحدود المدينة وجبالها.

والقسم الثاني: عن خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أما خلافة أبي بكر الصديق فهي غير مذكورة في هذا القسم من المخطوطة، وقد افترض الأستاذ فهيم أحد فرضين لتفسير ذلك، إما أن ابن شبة لم يكتب شيئاً عن خلافة أبي بكر، أو أنها سقطت من المخطوطة. والذي أراه أن الافتراض الأول لا مبرر له.

والقسم الثالث: عن حياة أمير المؤمنين عثمان بن عفان وعن الفتنة في عهده وحتى استشهاده رضي الله عنه على أيدي أهل الفتنة. وقد توسع في أخبار الفتنة وذكر مواقف كبار الصحابة من ذلك، ويتوقف الموجود من الكتاب هنا، لكن الطبري ينقل عن ابن شبة روايات كثيرة عن تاريخ المدينة طوال العهد الأموي، والفترة الأولى من العهد الأموي، والفترة الأولى من العهد العباسي، خاصة ثورة محمد بن عبد الله بن حسن العلوي بالمدينة أيام المنصور، وثورة السودان بالمدينة سنة 145م.

ومنهج ابن شبة في كتاب تاريخ المدينة وراية الأخبار بالأسانيد على طريقة المحدثين، ولم يجمع الأسانيد كما فعل من سبقه من الأخباريين وأهل السير كمحمد بن إسحاق، والوا قدي، وابن سعد، ولكن أسانيده ليست كلها موصولة، بل منها الموصول، ومنها المنقطع، ومنها المعلق، وكذلك مصادرة ورجاله ليست بدرجة واحدة في الثقة بل منها المقبول، والمردود، وتحتاج إلى دارسة حديثية لمعرفة الصحيح، من الضعيف، من الموضوع.

فمثلاً نجده يسند الخبر إلى مجهول فيقول: أخبرني بعض مشيختنا، حدثني أحمد ابن معاوية، عن رجل من قريش، ذكر الأصمعي فيما حدثني عنه من أثق به، حدثنا محمد بن يحيى، قال حدثني من أثق به، وأحياناً يحذف جزءاً من الإسناد حدثنا عبد الله بن قانع في إسناد ذكره قال.

وأحياناً يعلق الخبر أو لعله ينقل من كتب تحت يده فينسب القول إلى قائله مباشرة دون ذكر السند. فيقول: قال ابن إسحاق، وقال هشام، وقال الواقدي. وقال مالك، وقال أبو مخنف، وعن الحسن بن الحسن، وعن عائشة رضي الله عنها، وعن زيد بن أسلم، وعن سالم بن عبد الله، وعن محمد بن سعد، وكتبت من كتاب إسحاق بن إدريس ولا أعلمه إلا قرأه علي، ومما وجدت في كتاب إبي غسان وقرأه علي، ولا أدري أنسبه إلى ابن شهاب أم لا.

ومن الملاحظ أن يروي عن الشخص الواحد ممن لقيه بالعلو والنزول، مما يدل على عدم تدليسه في الرواية، فمثلاً شيخه أبو غسان محمد بن يحيى الكتاني يروي عن بصيغة التحديث فيقول حدثنا أبو غسان، أو حدثنا محمد بن يحيى ويقول: قال أبو غسان، ويقول: حدثنا عن أبي غسان، ويقول: (ومما وجدت في كتاب أبي غسان).

وكذلك الواقدي روى عنه بواسطة، وبصيغة التحديث وبصيغة التعليق، قال الواقدي، كما أنه روى عن محمد بن إسحاق تعليقاً وبواسطة وبصيغة التحديث.

ونقده للروايات قليل، ويكتفي بإشارات بسيطة على طريقة العلماء في عصره في الاكتفاء بإيراد الأسانيد وبالإشارة الموجزة أحياناً إلى ضعف الرواية أو مناقضتها لرواية أخرى.

وطريقة ابن شبة هي طريقة من قبله ومن عاصره من المؤرخين الذين رتبوا كتبهم على النمط الموضوعي مع التزام الإسناد، وهو من أشدهم التزاماً له، وبالنسبة للمنهج التاريخي فإنه لم يأت بجديد، بل إن كتابه بالصورة التي وصلت إلينا يفتقد التنسيق والترتيب التاريخي، وقد يكون هذا الاضطراب من أثر النساخ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير