تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد أشكل على البعض الجمع بين هذا الحديث وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنْ الْحُسْنِ) ([4]) وما جاء في صحيح مسلم عَنْ محمد بن سيرين قَالَ "إِمَّا تَفَاخَرُوا وَإِمَّا تَذَاكَرُوا الرِّجَالُ فِي الْجَنَّةِ أَكْثَرُ أَمْ النِّسَاءُ" فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "أَوَ لَمْ يَقُلْ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى أَضْوَإِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ وَمَا فِي الْجَنَّةِ أَعْزَبُ) " ([5]) فقال البعض بأن هذا قبل خروج عصاة الموحدين من النار، فعندما يُخرجهم الله عز وجل منها ويدخلهم الجنة يصبح عدد النساء في الجنة أكثر، وقال البعض الآخر بأن أبا هريرة رضي الله عنه أراد أن جنس النساء في الجنة أكثر من الرجال، فليس المراد أن نساء بني آدم أكثر من الرجال، وتدل على ذلك روايات لأبي هريرة رضي الله عنها فيها أن لكل رجل في الجنة زوجتان من الحور العين، وقد جاءت في ألفاظ لروايات أخرى له المخرجة في الصحيح أيضا "وأزواجهم الحور العين" ([6]).

وسبب كونهن أكثر أهل النار هو كفرهن العشير والإحسان وليس نقصان عقلهن ودينهن كما يقول البعض ([7]). والكفر يطلق أحيانا ويراد به المعصية كما يُطلق الإيمان أحيانا ويراد به طاعة ([8]) كما في قوله تعالى} وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ {([9]) إيمانكم أي صلاتكم. والمراد هنا الكفر الذي لا يُخرج من الملة، قال الحافظ ابن حجر: (وخص كفران العشير من بين أنواع الذنوب لدقيقة بديعة وهي قوله صلى الله عليه وسلم] لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا [([10]) فقرَن حق الزوج على الزوجه بحق الله فإذا كفرت المرأه حق زوجها وقد بلغ من حقه عليها هذه الغايه كان ذلك دليلا على تهاونها بحق الله فلذلك يطلق عليها الكفر لكنه كفر لا يخرج عن المله) ([11]). ومعنى كفران العشير هو جحد حقه ونعمته وإنكارها، وقد جاء في حديث لإبن عباس رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ "يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً) ([12]) فأرادت امرأة ثابت بـ"الكفر" في قولها "أكره الكفر في الإسلام" هو كفران العشير وهو التقصير في حق الزوج، قال الطيبي: المعنى أخاف على نَفسي في الإِسلام ما ينافي حكمه من نشوز وفرك وغيره ([13]). وقد ذُكرت صفات أخرى ذميمة توجد في كثير من النساء كانت من أسباب كونهن أكثر أهل النار ومنها اللعن، فعن أبي سعيد الخدري قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: (يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّار) فَقُلْن: َ "وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّه" قَال: َ (تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ... ) الحديث ([14]).

دروس أخرى مُستفادة من الحديث:

1_ في قوله صلى الله عليه وسلم: (لَوْ أَحْسَنْت إِلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْك شَيْئًا قَالَتْ

مَا رَأَيْت مِنْك خَيْرًا قَطُّ) وعظ وزجر عن كفر الإِحسان وجحده عند بعض التغيير ومواقعة شيء من الإِساءة فإنهُ لا يسلم أحد مع طول المؤالفة إساءة أو مخالفة في قول أو فعل فلا يجحد لذلك كثير إحسانه ومتقدم أفضاله ([15])؛ ففيه ذم من يجحد إحسان ذي احسان ([16]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير