3 ـ و عبدة بن سليمان: أخرجه هناد في ((الزهد)) (رقم: 358).
4 ـ و عبد الله بن نمير: أخرجه ابن سعد في ((الطبقات)) (3/ 430).
قلت: و الوصل هنا مقبول لثلاثة أمور:
الأول: أن الواصل ثقة ثبت حجة، معه زيادة حفظ و علم، و قد قال غير واحد من أئمة هذا الشأن كأبي زرعة و غيره: ((زيادة الحافظ على الحافظ مقبولة)).
و ابن إدريس لا ريب أنه من الحفاظ الثقات:
قال الإمام أحمد عن ابن إدريس:كان نسيج وحده.
و قال ابن معين في رواية عثمان الدارمي: ثقة في كل شيء، و وثقه في رواية إسحاق بن منصور.
و قال أبو جعفر الجمال: كان ابن إدريس حافظا لما يحفظ.
و قال أبو حاتم - و هو مَنْ هو في شدَّتِه؟ -: حديثُ ابن إدريس حجة يحتج بها وهو
إمام من أئمة المسلمين، ثقة.
و قال العجلي: عبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي ثقة ثبت صاحب سنة.
وقال جعفر الفريابي سألت ابن نمير عن عبد الله بن إدريس وحفص فقال: حفص أكثر حديثا ولكن ابن إدريس ما خرج عنه فإنه فيه أثبت وأتقن.
وقال النسائي: ثقةٌ ثبتٌ.
و قال ابن سعد: وكان ثقةً مأموناً كثيَر الحديث حجةً صاحبَ سنة وجماعةٍ.
و وثقه ابنُ المديني و ابنُ خِراش و ابن حِبَّان و غيرُهم.
وقال الخليليُّ: ثقةٌ متفقٌ عليه.
كما أن زيادتَه لا تُنافي روايةَ الآخرين، ذلكَ أنَّ الراوي قد ينشطُ أحيانا فيوصِلُ، و
يكسلُ أخرى فيرسلُ، و ليس هذا بمستقيمٍ دائماً، لكنْ ها هُنَا القرائنُ قد حفَّته و قوَّتْه.
الثاني: أنَّ الحديثَ جاء عن نافعٍ على أوجهٍ مختلفةٍ بألفاظٍ متعددةٍ، مما يدلُّك على اعتنائهِ بهذا الأمرِ و تتبعِه له، و لذا فهو يرويه بصيغٍ متنوعةٍ، حسبَ ما يقتضيه الحال، فإن كان الحال حالَ الرواية: نشط و إن كان الحال حال الحكاية و الاستشهاد: قصَّر، فتجده يقول: أخبرت، و تارة: بلغني، و أخرى: عن ابن عمر، و في حديث آخر: عن صفية .. - كما سيأتي تفصيله -، و هكذا.
الثالث: أنني لم أقف إلى ساعتي هذه على مَنْ أَعَلَّ هذه الرواية مِمَّن تقدَّم من أئمة هذا الشأن، بل الأمرُ على خلافِ ذلك:
فقد أخرج الرواية الموصولةَ و اختارَهَا: النَّسَائيُّ ـ أحَدُ أئمَّةِ النَّقد، ممَّنْ برَع في علم
العلل و برّزَ فيه ـ و لم يلتفت إلى ما عداها، و قد نصَّ جمعٌ من الأئمَّة على صحَّة ما اختاره النسائي في ((المجتبى)) دون ما علله فيه.
و نحا الزيلعيُّ نحوَ ما ذكرنا هُنا، فقد ذكرَ الحديثَ في ((نصب الراية)) (2/ 286)، ثمَّ قال: ((وهذا ذكره ابن أبي حاتم في ((علله))، وذكر في إسناده اختلافا ولم يضعفه ولا جعله منكرا)).
قلت: لم يشر ابن أبي حاتم في ((علله)) (2/ 362) للرواية الموصولة، و اكتفى برواية محمد بن بشر في سياقه للاختلاف الواقع في حديث محمد بن عمرو الآتي شرحه قريبا!
و قال النووي في ((الخلاصة)) (2/ 1043): إسناده صحيح.
و قال ابن حجر في ((القول المسدد)) ص:83: رجاله ثقات محتج بهم في الصحيح. قلت: و للحدبث طريق أخرى عن ابن عمر، و لفظه ((دخلَ رسول الله ? قبره يعني سعد بن معاذ فاحتبس فلما خرج، قيل يا رسول الله! ما حبسك قال: ضمَّ سعدٌ في القبر ضمةً فدعوتُ الله فكشفَ عنه)).
أخرجه ابن سعد (3/ 433) قال: أخبرنا محمد بن فضيل بن غزوان؛ و ابن حبان
(رقم:7034) قال: أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير؛ و
الحاكم (3/ 228) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة - وهو في ((مسنده)) - كما في ((إتحاف الخيرة)) (3/ 270) ثلاثتهم قالوا:حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن مجاهد عن ابن عمر به، و لفظ ابن أبي شيبة: ((اهتز لحب لقاء الله العرش يعني السرير قال: ورفع أبويه على العرش تفسخت أعواده قال ودخل رسول الله ? في قبره فاحتبس فلما خرج قيل يا رسول الله ما حبسك قال ضم سعد في القبر ضمة فدعوت الله أن يكشف عنه)).
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
قلت: عطاء كان قد اختلط، و ابن فضيل ممن روى عنه بعد اختلاطه كذا قال
البوصيري في ((الإتحاف)) (3/ 270) و غيره؛ لكن لم أجد من نصَّ على ذلك سوى عبارة أبي حاتم: ((و ما روى عنه ابن فضيل، ففيه غلط و اضطراب، رفع أشياء كان يرويها عن التابعين فرفعه إلى الصحابة)) (الجرح 6/ 333).
¥