تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و ما رواه ابن ماجة في سننه بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلّم قال: (إن مما يلحق المؤمن من عمله و حسناته بعد موته، علماً علَّمَه و نشره، أو ولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورَّثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً بناه لابن السبيل، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته و حياته، تلحقه من بعد موته).

قلتُ: و من العِلم النافِع الذي ينفع الميت بعد موته، نشر السنن و إماتة البدع، و السعي في ذلك بين الناس عن عِلمٍ و بصيرة، لما رواه مسلم عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها و أجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم).

الصدَقة عن الميّت:

و ينتفع الميت بصدَقة الحيّ عنه، لما رواه البخاري (1388) عن أمّ المؤمنين عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا، أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا (أي ماتت فجأةً) وَ أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: (نَعَمْ).

و في الصحيح أيضاً (2756) عن ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا، أَنَّ سَعدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِي اللَّه عَنْهما تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَ هُوَ غَائِبٌ عَنْهَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَ أَنَا غَائِبٌ عَنْهَا أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: (نَعَمْ) قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ الْمِخْرَافَ (اسم لبستان كان له) صَدَقَة ٌ عَلَيْهَا.

و روى مسلم و ابن ماجة و النسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ: إِنَّ أَبِي مَاتَ، وَ تَرَكَ مَالاً وَ لَمْ يُوصِ، فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ؟ قَالَ: (نَعَمْ).

و قد حكى الإمام النووي رحمه الله الإجماع على وصول الدعاء للميت، و أن أداء الدين عنه يجزئه، و كذا سائر الصدقات، تقع عن الميت و يصله ثوابها من ولده أو غيره [شرح صحيح مسلم: 7/ 90 و 8/ 23].

قلتُ: و الصدَقة عن الميت غير مقيّدة بالصدقة الجارية، بل الأمر على عمومه، و ممّا يدل على ذلك فعله صلى الله عليه و سلم، حيث أشرَكَ غيره في أضحيته – و الأضحية ليست من الصدقات الجارية – و قال عند ذبحها: (بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ) [رواه مسلم: 1967]، مع أنّ في آله الأطهار أحياءٌ و أموات، و الأضحية عن الميّت صدقة و ليست واجبة.

الحجّ عن الميّت:

و يُشرَع الحجّ عن الميّت، و يجزِئه إذا كان النائب أدّى الفريضة عن نفسه أوّلاً، لما رواه مسلم في صحيحه (1149) عن عَبْد اللَّهِ بْن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِي اللَّه عَنْهما، قَالَ: بَيْنَما أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ، إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ، وَ إِنَّهَا مَاتَتْ. فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ: (وَجَبَ أَجْرُكِ وَ رَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ) قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أفأصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: (صُومِي عَنْهَا)، قَالَتْ: إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ قَطُّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: (حُجِّي عَنْهَا).

قلتُ: و لا فرق في الحكم في الحجّ عن الميّت بين حجّة الفريضة، و ما أوجبَه الميت على نفسه بنذر، لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: (نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا ن أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟) قَالَتْ: نَعَمْ. فَقَالَ: (اقْضُوا اللَّهَ الَّذِي لَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ) [رواه البخاري:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير