تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذه هي التي يعذر فيها المكلف، فيختبر في عرصات يوم القيامة إذا مات على الشرك.

2 - فترة نسبية: فترت فيها رسالات الرسل، زمانية أو مكانية .. و لكن بقي من آثارها ما يمكن للمكلف طلبه و معرفته إذا سعى لذلك ..

فهذه تسمى (فترة) لفتور الرسالة بين الرسولين .. مع إمكانية معرفة رسالة أحد الرسل من قبل، و المقصود معرفة ما ارسل به الرسل جميعا و هو التوحيد ..

فهنا لا يعذر المكلف المتمكن إاذا مات على الشرك، بل يعتبر قامت عليه الحجة بنفس ((تمكنه)) لأنه ليس عاجزا عن معرفة التوحيد ..

و لكنه يعذر في عدم معرفة تفاصيل الشريعة .. إذا عرف التوحيد ..

و يدل عليه نجاة زيد بن عمرو بن نفيل و الذي كان يجهل تفاصيل شريعة ابراهيم عليه السلام و كان يقول اللهم لو اعلم صفة من العبادة أحب إليك لعبدتك بها، ثم كان يخر ساجدا لله على راحة يده .. فكان يجهل تفاصيل شريعة ابراهيم عليه السلام، و لكنه نجا كما اخبر النبي صلى الله عليه و سلم أنه رآه في الجنة يجر ذيولا من النعيم .. و أنه يبعث يوم القيامة امة وحدة .. لأنه مات على التوحيد ..

في حين لم يعذر من مات على الشرك في نفس الفترة الزمنية، كأب النبي عليه السلام و فيه حديث (إن أبي و اباك في النار)، و الزعم أن هذا محمول على الاختبار يوم القيامة و أن النبي عليه السلام أُخبر بأنه في النار لأنه علم بنتيجة فشله في هذا الاختبار .. يُشكل عليه حديث أنس أن النبي عليه السلام مر بحائط لبنى النجار فسمع صوتا من قبر فقال متى مات صاحب هذا القبر قالوا مات في الجاهلية فقال لولا أن تدافنوا لدعوت الله ان يسمعكم عذاب القبر .. و هذا الحديث رواه أحمد في مسنده و هو من ثلاثياته و على شرط الشيخن .. و يشهد له حديث زيد بن ثابت عند مسلم و فيه (بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه إذ حادت به فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة قال كذا كان يقول الجريري فقال من يعرف أصحاب هذه الأقبر فقال رجل أنا قال فمتى مات هؤلاء قال ماتوا في الإشراك فقال إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه .. )

فهؤلاء المشركون ماتوا في الجاهلية و هم قطعا داخلون تحت عموم قوله تعالى (و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)، فحيث ثبت عذابهم في القبر .. دل هذا على أنهم قد قامت عليهم الحجة، فلا عذاب قبل قيام الحجة .. و في هذا رد على من يحصر إخبار النبي عليه السلام بعذاب من مات قبل البعثة بأنه علم بنتيجة فشله في الاختبار الذي يقام في عرصات يوم القيامة، إذ إن هؤلاء المقبورين عذبوا في قبورهم و قبل القيامة .. فليتأمل

فإذن الحقبة الزمنية التي ما بين رفع عيسى عليه السلام و بعث النبي محمد صلى الله عليه و سلم تسمى زمن فترة بنص القرآن كما قال تعالى (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير و لا نذير فقد جاءكم بشير و نذير و الله على كل شيء قدير).

و لكنها فترة نسبية، ليست محضة .. و أهلها كانوا متمكنين من معرفة التوحيد فلا يعذرون إذا ماتوا على شركهم، فقد كان يوجد من المتحنفين كزيد بن عمرو بن نفيل و امثاله ممن كانوا ينكرون الوثنية و يتبعون دين إبراهيم عليه السلام و إن كانوا يجهلون تفاصيل شريعته، فعذروا في ذلك، و لم يعذر غيرهم ممن ركن لما وجد عليه الاباء و الأجداد من عبادة الأصنام .. و كذلك كان اليهود يجاورون أحياء العرب في بعض حواضرهم و هم ينكرون الوثنية و يخبرون برسالة موسى عليه السلام في إنكار الوثنية .. و هذا قدر تقوم به الحجة على المخالف و إن كانوا على دين قد دخله التحريف، فما احتجوا به على الأمم الوثنية مما لم يطاله التحريف كابطال الوثنية و الاخبار ببعثة الرسل من الله الواحد الصمد، تقوم به الحجة و الله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير