(أن ما رتب على مجموع لم يلزم حصوله في بعض ذلك المجموع إلا إذا دل الدليل على إلغاء بعض ذلك المجموع، وعدم اعتباره. فيكون وجوده كعدمه ويبقى ما عداه معتبرا، لا يلزم أن يترتب الحكم على بعضه. فإذا تقررت هذه القواعد: فاللفظ يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بمضاعفة صلاة الرجل في الجماعة على صلاته في بيته وسوقه بهذا القدر المعين. وعلل ذلك باجتماع أمور، منها: الوضوء في البيت، والإحسان فيه، والمشي إلى الصلاة لرفع الدرجات. وصلاة الملائكة عليه ما دام في مصلاه. وإذا علل هذا الحكم باجتماع هذه الأمور، فلا بد أن يكون المعتبر من هذه الأمور موجودا في محل الحكم. وإذا كان موجودا فكل ما أمكن أن يكون معتبرا منها، فالأصل: أن لا يترتب الحكم بدونه.) (42)
وتكلم الأمام ابن دقيق على صلاة الكسوف فقال:
(وقد ذكروا أنها إذا صليت صلاة الكسوف على الوجه المذكور، ولم تنجل الشمس إنها لا تعاد على تلك الصفة. وليس في قوله (فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم) ما يدل على خلاف هذا، لوجهين: أحدهما: أنه أمر بمطلق الصلاة، لا بالصلاة على هذا الوجه المخصوص. ومطلق الصلاة سائغ إلى حين الانجلاء. الثاني: لو سلمنا أن المراد الصلاة الموصوفة بالوصف المذكور لكان لنا أن نجعل هذه الغاية لمجموع الأمرين - أعني الصلاة والدعاء - ولا يلزم من كونهما. غاية لمجموع الأمرين: أن تكون غاية لكل واحد منهما على انفراده. فجاز أن يكون الدعاء ممتدا إلى غاية الانجلاء بعد الصلاة على الوجه المخصوص مرة واحدة ويكون غاية للمجموع.) (43)
وتكلم الأمام ابن دقيق على حديث النهي عن صيام الدهر كله وعن قيام الليل كله فقال:
(كره جماعة قيام كل الليل. لرد النبي ذلك على من أراده، ولما يتعلق به من الإجحاف بوظائف عديدة وفعله جماعة من المتعبدين من السلف وغيرهم. ولعلهم حملوا الرد على طلب الرفق بالمكلف. وهذا الاستدلال على الكراهة بالرد المذكور عليه سؤال، وهو أن يقال: إن الرد لمجموع الأمرين وهو صيام النهار، وقيام الليل فلا يلزم ترتبه على أحدهما.) (44)
وقال الأمام ابن دقيق:
(قوله " فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة " وهذا اللفظ الثاني: يقتضي ترتيب الحكم على مجموع أمرين: وقوع الحدود، وصرف الطرق. وقد يقول قائل ممن يثبت الشفعة للجار: إن المرتب على أمرين لا يلزم ترتبه على أحدهما. وتبقى دلالة المفهوم الأول مطلقة، وهو قوله " إنما الشفعة فيما لم يقسم " فمن قال بعدم ثبوت الشفعة تمسك بها، ومن خالفه يحتاج إلى إضمار قيد آخر، يقتضي اشتراط أمر زائد، وهو صرف الطرق مثلا، وهذا الحديث يستدل به، ويجعل مفهومه مخالفة الحكم عند انتفاء الأمرين معا: وقوع الحدود، وصرف الطرق.) (45)
وقال الأمام ابن دقيق:
(والمرتب على أشياء لا يحصل إلا بحصول مجموعها وينتفي بانتفاء بعضها.) (46)
وقال الأمام ابن دقيق:
(وفيه دليل على جواز الذبح بما يحصل به المقصود، من غير توقف على كونه حديدا، بعد أن يكون محددا. وقوله " وذكر اسم الله عليه " دليل على اشتراط التسمية أيضا فإنه علق الإذن بمجموع أمرين والمعلق على شيئين ينتفي بانتفاء أحدهما.) (47)
وقال الأمام ابن دقيق:
(هذا الثواب الموعود به يترتب على مجموع أمرين أحدهما: الوضوء على النحو المذكور. والثاني: صلاة ركعتين بعده بالوصف المذكور بعده في الحديث، والمرتب على مجموع أمرين لا يلزم ترتبه على أحدهما إلا بدليل خارج) (48)
وقال الأمام ابن دقيق:
(يدل على استحباب تطويل الركعة الأولى بالنسبة إلى الثانية، فيما ذكر فيه. وأما تطويل القراءة في الأولى بالنسبة إلى القراءة في الثانية ففيه نظر. وسؤال على من رأى ذلك، لكن اللفظ إنما دل على تطويل الركعة، وهو متردد بين تطويلها بمحض القراءة، وبمجموع، منه القراءة. فمن لم ير أن يكون مع القراءة غيرها، وحكم باستحباب تطويل الأولى، مستدلا بهذا الحديث لم يتم له إلا بدليل من خارج، على أنه لم يكن مع القراءة غيرها) (49)
22 - قسم الشيء لا يكون قسيما له:
قال الأمام ابن دقيق:
(لفظ " البدنة " في هذا الحديث ظاهرها أنها منطلقة على الإبل مخصوصة بها، لأنها قوبلت بالبقر وبالكبش عند الإطلاق، وقسم الشيء لا يكون قسيما ومقابلا له.) (50)
¥