تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

، فإن القاعدة: أن مورد النص إذا وجد فيه معنى يمكن أن يكون معتبرا في الحكم، فالأصل يقتضي اعتباره، وعدم إطراحه. وهذا الحديث يدل على إطراح الشك إذا وجد في الصلاة، وكونه موجودا في الصلاة معنى يمكن أن يكون معتبرا، فإن الدخول في الصلاة مانع من إبطالها، على ما اقتضاه استدلالهم في مثل هذا بقوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) فصارت صحة الصلاة أصلا سابقا على حالة الشك، مانعا من الإبطال، ولا يلزم من إلغاء الشك مع وجود المانع من اعتباره إلغاؤه مع عدم المانع. وصحة العمل ظاهرا معنى يناسب عدم الالتفات إلى الشك، يمكن اعتباره فلا ينبغي إلغاؤه. ومن أصحاب مالك من قيد هذا الحكم - أعني إطراح هذا الشك - بقيد آخر، وهو أن يكون الشك في سبب حاضر، كما جاء في الحديث، حتى لو شك في تقدم الحدث على وقته الحاضر لم تبح له الصلاة، ومأخذ هذا: ما ذكرناه من أن مورد النص ينبغي اعتبار أوصافه التي ينبغي اعتبارها، ومورد النص اشتمل على هذا الوصف، وهو كونه شك في سبب حاضر، فلا يلحق به ما ليس في معناه، من الشك في سبب متقدم، إلا أن هذا القول أضعف قليلا من الأول؛ لأن صحة العمل ظاهرة، وانعقاد الصلاة سبب مانع مناسب لإطراح الشك، وأما كون السبب ناجزا: فإما غير مناسب، أو مناسب مناسبة ضعيفة والذي يمكن أن يقرر به قول هذا القائل أن يرى أن الأصل الأول - وهو ترتب الصلاة في ذمته - معمول به، فلا يخرج عنه إلا بما ورد فيه النص، وما بقي يعمل فيه بالأصل، ولا يحتاج في المحل الذي خرج عن الأصل بالنص إلى مناسبة، كما في صور كثيرة عمل فيها العلماء هذا العمل، أعني أنهم اقتصروا على مورد النص إذا خرج عن الأصل أو القياس، من غير اعتبار مناسبة، وسببه: أن إعمال النص في مورده لا بد منه، والعمل بالأصل أو القياس المطرد: مسترسل، لا يخرج عنه إلا بقدر الضرورة، ولا ضرورة فيما زاد على مورد النص، ولا سبيل إلى إبطال النص في مورده، سواء كان مناسبا أو لا، وهذا يحتاج معه إلى إلغاء وصف كونه في صلاة، ويمكن هذا القائل منع ذلك بوجهين. أحدهما: أن يكون هذا القائل نظر إلى ما في بعض الروايات، وهو أن يكون الشك لمن هو في المسجد، وكونه في المسجد أعم من كونه في الصلاة، فيؤخذ من هذا إلغاء ذلك القيد الذي اعتبره القائل الآخر، وهو كونه في الصلاة، ويبقى كونه شاكا في سبب ناجز، إلا أن القائل الأول له أن يحمل كونه في المسجد على كونه في الصلاة، فإن الحضور في المسجد يراد للصلاة، فقد يلازمها فيعبر به عنها، وهذا - وإن كان مجازا - إلا أنه يقوى إذا اعتبر الحديث الأول وكان حديثا واحدا مخرجه من جهة واحدة، فحينئذ يكون ذلك الاختلاف اختلافا في عبارة الراوي بتفسير أحد اللفظين بالآخر، ويرجع إلى أن المراد: كونه في الصلاة. الثاني: وهو أقوى من الأول - ما ورد في الحديث (إن الشيطان ينفخ بين أليتي الرجل) وهذا المعنى يقتضي مناسبة السبب الحاضر لإلغاء الشك، وإنما أوردنا هذه المباحث ليتلمح الناظر مأخذ العلماء في أقوالهم، فيرى ما ينبغي ترجيحه فيرجحه، وما ينبغي إلغاؤه فيلغيه، والشافعي رحمه الله ألغى القيدين معا - أعني كونه في الصلاة، وكونه في سبب ناجز - واعتبر أصل الطهارة.) (57)

وقال الأمام ابن دقيق:

(وفي الحديث دليل على أن " ليلة القدر " في شهر رمضان، وهو مذهب الجمهور. وقال بعض العلماء: إنها في جميع السنة. وقالوا: لو قال في رمضان لزوجته أنت طالق ليلة القدر لم تطلق، حتى يأتي عليها سنة؛ لأن كونها مخصوصة برمضان مظنون. وصحة النكاح معلومة، فلا تزال إلا بيقين، أعني بيقين مرور ليلة القدر وفي هذا نظر؛ لأنه إذا دلت الأحاديث على اختصاصها بالعشر الأواخر، كان إزالة النكاح بناء على مستند شرعي. وهو الأحاديث الدالة على ذلك، والأحكام المقتضية لوقوع الطلاق يجوز أن تبنى على أخبار الآحاد، ويرفع بها النكاح، ولا يشترط في رفع النكاح أو أحكامه أن يكون ذلك مستندا إلى خبر متواتر، أو أمر مقطوع به اتفاقا، نعم ينبغي أن ينظر إلى دلالة ألفاظ الأحاديث الدالة على اختصاصها بالعشر الأواخر، ومرتبتها في الظهور والاحتمال. فإن ضعفت دلالتها؛ فلما قيل وجه.) (58)

27 - الشريعة عامة لجميع المكلفين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير