تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الأمام ابن دقيق:

(وقد استدل بقوله عليه السلام (أعلمهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) على عدم جواز نقل الزكاة عن بلد المال، وفيه عندي ضعف، لأن الأقرب أن المراد: يؤخذ من أغنيائهم من حيث إنهم مسلمون، لا من حيث إنهم من أهل اليمن. وكذلك الرد على فقرائهم، وإن لم يكن هذا هو الأظهر فهو محتمل احتمالا قويا. ويقويه أن أعيان الأشخاص المخاطبين في قواعد الشرع الكلية لا تعتبر. وقد وردت صيغة الأمر بخطابهم في الصلاة. ولا يختص بهم قطعا - أعني الحكم - وإن اختص بهم خطاب المواجهة.) (59)

28 - عدم التكليف قبل بلوغ الخطاب.

قال الأمام ابن دقيق:

(اختلفوا في أن حكم الناسخ هل يثبت في حق المكلف قبل بلوغ الخطاب له؟ وتعلقوا بهذا الحديث في ذلك. ووجه التعلق: أنه لو ثبت الحكم في أهل قباء قبل بلوغ الخبر إليهم، لبطل ما فعلوه من التوجه إلى، بيت المقدس. فيفقد شرط العبادة في بعضها فتبطل.) (60)

ثم ذكر الأمام ابن دقيق أمثلة تطبيقية على ذلك قائلا:

(وأما المسائل الفروعية فالأولى منها: أن الوكيل إذا عزل فتصرف قبل بلوغ الخبر إليه هل يصح تصرفه، بناء على مسألة النسخ؟ وهل يثبت حكمه قبل بلوغ الخبر؟ وقد نوزع في هذا البناء على ذلك الأصل. ووجه قول هذا المنازع في هذا البناء على مسألة النسخ أن النسخ خطاب تكليفي، إما بالفعل أو بالاعتقاد. ولا تكليف إلا مع الإمكان، ولا إمكان مع الجهل بورود الناسخ. وأما تصرف الوكيل: فمعنى ثبوت حكم العزل فيه أنه باطل ولا استحالة في أن يعلم بعد البلوغ بطلانه قبل بلوغ الخبر. وعلى تقدير صحة هذا البناء فالحكم هناك في مسألة الوكيل يكون مأخوذا بالقياس لا بالنص.

الثانية: إذا صلت الأمة مكشوفة الرأس، ثم علمت بالعتق في أثناء الصلاة: هل تقطع الصلاة أم لا؟ فمن أثبت الحكم قبل بلوغ العلم إليها قال بفساد ما فعلت فألزمها القطع. ومن لم يثبت ذلك لم يلزمها القطع، إلا أن يتراخى سترها لرأسها وهذا أيضا مثل الأول، وأنه بالقياس ........ قال الطحاوي: في هذا دليل على أن من لم يعلم بفرض الله تعالى ولم تبلغه الدعوة، ولا أمكنه استعلام ذلك من غيره. فالفرض غير لازم له، والحجة غير قائمة عليه. وركب بعض الناس على هذا: مسألة من أسلم في دار الحرب، أو أطراف بلاد الإسلام، حيث لا يجد من يستعلمه عن شرائع الإسلام: هل يجب عليه أن يقضي ما مر من صلاة وصيام، لم يعلم وجوبهما؟ وحكي عن مالك والشافعي إلزامه ذلك - أو ما هذا معناه - لقدرته على الاستعلام والبحث، والخروج لذلك. وهذا أيضا يرجع إلى القياس. والله أعلم.)

29 - هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؟

قال الأمام ابن دقيق:

(قد يتوهم أن قوله عليه السلام (لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر) أنه يدل على أن الكفار ليسوا مخاطبين بفروع الشريعة. والصحيح عند أكثر الأصوليين: أنهم مخاطبون. وقال بعضهم في الجواب عن هذا التوهم: لأن المؤمن هو الذي ينقاد لأحكامنا، وينزجر عن محرمات شرعنا، ويستثمر أحكامه. فجعل الكلام فيه، وليس فيه أن غير المؤمن لا يكون مخاطبا بالفروع. وأقول: الذي أراه إن هذا الكلام من باب خطاب التهييج، فإن مقتضاه: أن استحلال هذا المنهي عنه لا يليق بمن يؤمن بالله واليوم الآخر، بل ينافيه: هذا هو المقتضي لذكر هذا الوصف. ولو قيل لا يحل لأحد مطلقا، لم يحصل به الغرض. وخطاب التهييج معلوم عند علماء البيان ومنه قوله تعالى (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) إلى غير ذلك.) (61)

وقال الأمام ابن دقيق:

(وقوله صلى الله عليه وسلم (فإنها لهم في الدنيا) أي للكفار. معناه أن الكفار إنما يحصل لهم ذلك في الدنيا وأما في الآخرة فمالهم فيها من نصيب وأما المسلمون فلهم في الجنة الحرير والذهب وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وليس في الحديث حجة لمن يقول الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة لأنه لم يصرح فيه بإباحتها لهم وإنما اخبر عن الواقع في العادة لهم أنهم هم الذين يستعملونه في الدنيا وان كان حراما عليهم كما هو حرام على المسلمين وإنما ذكر ذلك تنبيها على تحريم التشبه بهم فيما يعانوه من أمور الدنيا تأكيدا للمنع) (62)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير