تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(وقد اختلف أصحاب مالك، أعني في قوله " إنهما سنة أو فضيلة " بعد اصطلاحهم على الفرق بين السنة والفضيلة. وذكر بعض متأخريهم قانونا في ذلك، وهو أن ما واظب صلى الله عليه وسلم عليه، مظهرا له في جماعة، فهو سنة. وما لم يواظب عليه، وعده في نوافل الخير، فهو فضيلة. وما واظب عليه، ولم يظهره - وهذا مثل ركعتي الفجر - ففيه قولان: أحدهما أنه سنة، والثاني أنه فضيلة. واعلم أن هذا إن كان راجعا إلى الاصطلاح: فالأمر فيه قريب. فإن لكل أحد أن يصطلح في التسميات على وضع يراه. وإن كان راجعا إلى اختلاف في معنى. فقد ثبت في هذا الحديث تأكد أمر ركعتي الفجر بالمواظبة عليهما. ومقتضاه تأكد استحبابهما. فليقل به. ولا حرج على من يسميها سنة، وإن أريد أنهما مع تأكدهما أخفض رتبة مما واظب عليه الرسول صلى الله عليه وسلم مظهرا له في الجماعة، فلا شك أن رتب الفضائل تختلف. فإن قال قائل: إنما سمي بالسنة أعلاها رتبة رجع ذلك إلى الاصطلاح. والله أعلم) (78)

41 - وجوب جمع أطراف الأدلة.

قال الأمام ابن دقيق في معرض كلامه على حديث تحويل القبلة:

(يتعلق بهذا الحديث مسائل أصولية وفروعية نذكر منها ما يحضرنا الآن. أما الأصولية: فالمسالة الأولى منها: قبول خبر الواحد. وعادة الصحابة في ذلك اعتداد بعضهم بنقل بعض. وليس المقصود في هذا: أن تثبت قبول خبر الواحد بهذا الخبر الذي هو خبر واحد. فإن ذلك من إثبات الشيء بنفسه. وإنما المقصود بذلك التنبيه على مثال من أمثلة قبولهم لخبر الواحد، ليضم إليه أمثال لا تحصى. فيثبت بالمجموع القطع بقبولهم لخبر الواحد.) (79)

وقال الأمام ابن دقيق:

(قد يتمسك به - أو تمسك به - في قبول خبر الواحد، من حيث إن عليا رضي الله عنه أمر المقداد بالسؤال، ليقبل خبره، والمراد بهذا ذكر صورة من الصور التي تدل على قبول خبر الواحد وهي فرد من أفراد لا تحصى، والحجة تقوم بجملتها، لا بفرد معين منها؛ لأن إثبات ذلك بفرد معين: إثبات للشيء بنفسه، وهو محال، وإنما تذكر صورة مخصوصة للتنبيه على أمثالها، لا للاكتفاء بها، فليعلم ذلك، فإنه مما انتقد على بعض العلماء، حيث استدل بآحاد، وقيل: أثبت خبر الواحد، وجوابه: ما ذكرناه) (80)

42 - الإلزام من طرق الاستدلال.

قال الأمام ابن دقيق:

(وقد ادعى في كثير من الأفعال التي قصد إثبات وجوبها بأنها بيان للمجمل وقد تقدم لنا في هذا بحث وهذا الموضع مما يحتاج من سلك تلك الطريقة إلى إخراجه عن كونه بيانا والى أن يفرق بينه وبين ما ادعي فيه بيانا من الأفعال فانه ليس معه في تلك المواضع إلا مجرد الفعل وهو موجود هنا) (81)

43 - اختلاف الأحكام باختلاف الدلالات.

قال الأمام ابن دقيق:

(قوله " ثم تمضمض " مقتض للترتيب بين غسل اليدين والمضمضة. وأصل هذه اللفظة: مشعر بالتحريك. ومنه: مضمض النعاس في عينيه. واستعملت في هذه السنة - أعني المضمضة في الوضوء - لتحريك الماء في الفم. وقال بعض الفقهاء: " المضمضة " أن يجعل الماء في فيه ثم يمجه - هذا أو معناه - فأدخل المج في حقيقة المضمضة. فعلى هذا: لو ابتلعه لم يكن مؤديا للسنة. وهذا الذي يكثر في أفعال المتوضئين - أعني الجعل والمج - ويمكن أن يكون ذكر ذلك بناء على أنه الأغلب والعادة، لا أنه يتوقف تأدي السنة على مجه. والله أعلم.) (82)

وتكلم الأمام ابن دقيق على المسالة المشهورة وهي التفاضل بين الغني الشاكر أم الفقير الصابر ومن كلامه:

(والذي يقتضيه الأصل أنهما إن تساويا وحصل الرجحان بالعبادات المالية أن يكون الغني أفضل، ولا شك في ذلك. وإنما النظر إذا تساويا في أداء الواجب فقط. وانفرد كل واحد بمصلحة ما هو فيه وإذا كانت المصالح متقابلة ففي ذلك نظر، يرجع إلى تفسير الأفضل. فإن فسر بزيادة الثواب، فالقياس يقتضي أن المصالح المتعدية أفضل من القاصرة. وإن كان الأفضل بمعنى الأشرف بالنسبة إلى صفات النفس، فالذي يحصل للنفس من التطهير للأخلاق، والرياضة لسوء الطباع بسبب الفقر أشرف، فيترجح الفقراء. ولهذا المعنى ذهب الجمهور من الصوفية إلى ترجيح الفقير الصابر، لأن مدار الطريق على تهذيب النفس ورياضتها. وذلك مع الفقر أكثر منه مع الغنى، فكان أفضل بمعنى الأشرف) (83)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير