تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

44 - لا يقبل تفسير النص إذا أدى إلى إلغاء بعضه.

قال الأمام ابن دقيق:

(الثالث: قوله " أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله " هذه اللفظة - أعني " يستتر " - قد اختلفت فيها الرواية على وجوه وهذه اللفظة تحتمل وجهين: أحدهما: الحمل على حقيقتها من الاستتار عن الأعين، ويكون العذاب على كشف العورة. والثاني: - وهو الأقرب - أن يحمل على المجاز ويكون المراد بالاستتار: التنزه عن البول والتوقي منه، إما بعدم ملابسته، أو بالاحتراز عن مفسدة تتعلق به، كانتقاض الطهارة، وعبر عن التوقي بالاستتار مجازا، ووجه العلاقة بينهما: أن المستتر عن الشيء فيه بعد عنه واحتجاب، وذلك شبيه بالبعد عن ملابسة البول، وإنما رجحنا المجاز - وإن كان الأصل الحقيقة لوجهين: أحدهما: أنه لو كان المراد أن العذاب على مجرد كشف العورة، كان ذلك سببا مستقلا أجنبيا عن البول، فإنه حيث حصل الكشف للعورة حصل العذاب المرتب عليه، وإن لم يكن ثمة بول فيبقى تأثير البول بخصوصه مطرح الاعتبار، والحديث يدل على أن للبول بالنسبة إلى عذاب القبر خصوصية، فالحمل على ما يقتضيه الحديث المصرح بهذه الخصوصية أولى) (84)

45 - لابد في الاستدلال من أمرين: الثبوت والدلالة.

قال الأمام ابن دقيق أثناء كلامه على تحية المسجد:

(إذا دخل المسجد، بعد أن صلى ركعتي الفجر في بيته، فهل يركعهما في المسجد؟ اختلف قول مالك فيه، وظاهر الحديث يقتضي الركوع. وقيل: إن الخلاف في هذا من جهة معارضة هذا الحديث للحديث الذي رووه من قوله عليه السلام (لا صلاة بعد الفجر إلا ركعتي الفجر) وهذا أضعف من المسألة السابقة. لأنه يحتاج في هذا إلى إثبات صحة هذا الحديث حتى يقع التعارض فإن الحديثين الأولين في المسالة الأولى صحيحان، وبعد التجاوز عن هذه المطالبة وتقدير تسليم صحته: يعود الأمر إلى ما ذكرناه من تعارض أمرين، يصير كل واحد منهما عاما من وجه خاصا من وجه. وقد ذكرناه. (85)

46 - فهم الصحابي للنص مقدم على فهم من بعده.

قال الأمام ابن دقيق:

(" القنوت " يستعمل في معنى الطاعة، وفي معنى الإقرار بالعبودية، والخضوع والدعاء، وطول القيام والسكوت. وفي كلام بعضهم ما يفهم منه أنه موضوع للمشترك. قال القاضي عياض: وقيل: أصله الدوام على الشيء. فإذا كان هذا أصله، فمديم الطاعة قانت، وكذلك الداعي والقائم في الصلاة، والمخلص فيها، والساكت فيها كلهم فاعلون للقنوت. وهذا إشارة إلى ما ذكرناه من استعماله في معنى مشترك. وهذه طريقة طائفة من المتأخرين من أهل العصر وما قاربه، يقصدون بها دفع الاشتراك اللفظي والمجاز عن موضوع اللفظ. ولا بأس بها إن لم يقم دليل على أن اللفظ حقيقة في معنى معين أو معان. ويستعمل حيث لا يقوم دليل على ذلك. الثالث: لفظ الراوي يشعر بأن المراد بالقنوت في الآية السكوت، لما دل عليه لفظ " حتى " التي للغاية. والفاء التي تشعر بتعليل ما سبق عليها لما يأتي بعدها. وقد قيل: إن " القنوت " في الآية الطاعة. وفي كلام بعضهم: ما يشعر بحمله على الدعاء المعروف، حتى جعل ذلك دليلا على أن الصلاة الوسطى هي الصبح، من حيث قرانها بالقنوت. والأرجح في هذا كله: حمله على ما أشعر به كلام الراوي. فإن المشاهدين للوحي والتنزيل يعلمون، بسبب النزول والقرائن المحتفة به: ما يرشدهم إلى تعيين المحتملات، وبيان المجملات. فهم في ذلك كله كالناقلين للفظ يدل على التعليل والتسبيب. وقد قالوا: إن قول الصحابي في الآية " نزلت في كذا " يتنزل منزلة المسند.) (86)

47 - لا يجوز تحميل اللفظ ما لا يحتمل.

قال الأمام ابن دقيق:

(حكى القاضي عياض عن بعض المشايخ: أن قضاء العامد مستفاد من قوله عليه السلام " فليصلها إذا ذكرها " لأنه بغفلته عنها وعمده كالناسي، ومتى ذكر تركه لها لزمه قضاؤها. وهذا ضعيف لأن قوله عليه السلام فليصلها إذا ذكرها " كلام مبني على ما قبله. وهو قوله " من نام عن صلاة أو نسيها " والضمير في قوله فليصلها إذا ذكرها " عائد إلى الصلاة المنسية، أو التي يقع النوم عنها. فكيف يحمل ذلك على ضد النوم والنسيان، وهو الذكر واليقظة؟ نعم لو كان كلاما مبتدأ مثل أن يقال: من ذكر صلاة فليصلها إذا ذكرها. لكان ما قيل محتملا، على تمحل مجاز. وأما قوله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير