2 - الخلاف في حجية الإجماع هنا هو في إجماع الخاصة وهم المجتهدون أما ما أجمع عليه العامة والخاصة وهو الإجماع على ما علم من الدين بالضرورة فلا خلاف فيه كما قرر ذلك الزركشي في البحر المحيط وغيره.
سادساً: بيان ما ورد عن الإمام أحمد _ رحمه الله _ فيما ظاهره رد الإجماع وتأويل أهل العلم لذلك:
قد تقرر عند العلماء عامة وعند الحنابلة خاصة أن الإمام أحمد يرى حجية الإجماع وقد استدل به في كثير من المسائل، لكن ورد عنه _ رحمه الله _ روايات ظاهرها يفيد رد الإجماع والإنكار على من نقل الإجماع وادعى حصوله ومن هذه الروايات:
1 - قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: (ما يدعي الرجل فيه الإجماع هذا الكذب، من ادعى الإجماع فهو كذب لعل الناس قد اختلفوا، هذه دعوى بشر المريسي والأصم، ولكن يقول: لا يعلم الناس اختلفوا) ذكره في مسائله وذكره ابن القيم في إعلام الموقعين وأبو يعلى في العدة.
2 – وقال المرُّوذي: (قال أحمد: كيف يجوز للرجل أن يقول: أجمعوا؟! إذا سمعتهم يقولون: أجمعوا فاتهمهم، لو قال: إني لم أعلم لهم مخالفاً جاز)
3 – وقال أبو طالب: قال أحمد: (هذا كذب ما علمه أن الناس مجمعون؟! ولكن يقول: لا أعلم فيه اختلافاً فهو أحسن من قوله: إجماع الناس)
4 – وقال أبو الحارث: (قال أحمد:لا ينبغي لأحدٍ أن يدعي الإجماع لعل الناس اختلفوا)
ذكر هذه الروايات أبو يعلى في العدة وابن تيمية في المسودة.
وقد أوَّل ذلك العلماء عدة تأويلات منها:
1 – أن هذا محمول على الورع نحو أن يكون هناك خلاف لم يعلمه ذكر هذا أبو يعلى في العدة وأبو الخطاب في التمهيد.
2 – أن هذا محمول على من لم يكن عنده معرفة بخلاف السلف، ذكره أبو يعلى وأبو الخطاب أيضاً، ومال إليه ابن رجب وهو الذي يتوافق مع قوله: (هذه دعوى بشر المريسي والأصم) فإن هؤلاء لا علم لهم بخلاف السلف.
3 – أن هذا محمول على إجماع من بعد الصحابة أو بعدهم وبعد التابعين أو بعد القرون الثلاثة المفضلة، ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في المسودة.
قال ابن تيمية: (ولا يكاد يوجد في كلامه احتجاج بإجماع بعد عصر التابعين أو بعد القرون الثلاثة مع أن صغار التابعين أدركوا القرن الثالث وكلامه في إجماع كل عصر إنما هو في التابعين ثم هذا منه)
4 – أنه محمول على دعوى الإجماع العام النطقي ذكره ابن تيمية أيضاً وابن النجار في شرح الكوكب المنير.
5 – أنه محمول على التعذر واستبعاد حصوله مطلقاً في كل عصر ذكره ابن النجار في شرح الكوكب المنير وابن الحاجب المالكي وابن الهمام الحنفي.
6 – أن هذا محمول على من انفرد بنقل الإجماع دون بقية العلماء ذكره صاحب فواتح الرحموت.
7 – أن هذا محمول على من يدَّعي الإجماع بمجرد عدم علمه بالمخالف ثم يقدِّم هذا الإجماع الموهوم على النصوص وهذا ما ذكره ابن القيم في إعلام الموقعين ويؤيد هذا قوله (لعل الناس اختلفوا) وذكر ابن تيمية عن أحمد أنه قال في القراءة خلف الإمام: ادُّعي الإجماع في نزول الآية، وفي عدم الوجوب في صلاة الجهر، وإنما فقهاء المتكلمين كالمريسي والأصم يدعون الإجماع ولا يعرفون إلا قول أبى حنيفة ومالك ونحوهما، ولا يعلمون أقوال الصحابة والتابعين.
انتهت المقدمة ويتبع تفصيل مسائل الإجماع إن شاء الله تعالى ....
ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[29 - 11 - 07, 07:56 م]ـ
شيخنا الكريم / أبا حازمٍ الكاتبَ ...
جزاكم اللهُ خيرَ الجزاء، ونفع اللهُ بما دبَّجتهُ يراعُك، وخطَّهُ بنانُك ..
أسبغَ اللهُ عليك نِعَمَه الظاهرة والباطنة ..
أكملْ رُزِقْتَ الكمال، وجمال الخِصال، وبهاء المقال.
أتمنى من المشرف الفاضل التثبيت، ثبَّتنا الله على الدِّين.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[30 - 11 - 07, 06:01 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[01 - 12 - 07, 07:38 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو رحمة السلفي]ــــــــ[01 - 12 - 07, 08:00 ص]ـ
شيخنا الكريم / أبا حازمٍ الكاتبَ ...
جزاكم اللهُ خيرَ الجزاء، ونفع اللهُ بما دبَّجتهُ يراعُك، وخطَّهُ بنانُك ..
أسبغَ اللهُ عليك نِعَمَه الظاهرة والباطنة ..
أكملْ رُزِقْتَ الكمال، وجمال الخِصال، وبهاء المقال.
أتمنى من المشرف الفاضل التثبيت، ثبَّتنا الله على الدِّين.
آمين ...
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[01 - 12 - 07, 12:39 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
ـ[توبة]ــــــــ[01 - 12 - 07, 05:05 م]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل.
هناك من اشترط لانعقاد الإجماع أن لا يكون مسبوقا بخلاف مجتهد قائم، و قيد هذا الشرط في التعريف به.
أي أن الإجماع عندهم اصطلاحا (اتفاق المجتهدين من أمة محمدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد وفاته في عصرٍ من العصور على أمرٍ ديني لم يسبقه خلاف مجتهد مستقر)
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[02 - 12 - 07, 01:40 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعاً
أما زيادة قيد (لم يسبقه خلاف مجتهد مستقر) فأعرضت عنه؛ لأني أحرص على عدم ذكور القيود السلبية في التعريف وسيأتي إن شاء الله ذكر هذه المسألة وهي انعقاد الإجماع بعد الخلاف وتفصيل ذلك.
¥