تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجه الاستدلال: أن الله أمرنا بالرد إلى الكتاب والسنة ولم يذكر الإجماع فالأصل هو الرجوع للكتاب والسنة فقط وخرجنا عن هذا الأصل في حق الصحابة للأدلة الثابتة في فضل الصحابة_ رضي الله عنهم _ وما ورد في حقهم.

ويجاب عنه بأجوبة:

الأول: أن الآية نصت على حال التنازع ويفهم منه أنه في حال الاتفاق يكتفى به.

الثاني: أن غاية ما في الآية السكوت عن حجية الإجماع ولم تنف حجيته ويمكن اعتماد حجيته من أدلة أخرى.

الثالث: أن الله أمرنا بالرد إلى الكتاب والسنة وقد دلا على حجية إجماع الأمة في كل عصر بأدلة كثيرة سبق ذكرها وهي أدلة عامة لا تخص الصحابة دون غيرهم.

2 – قوله تعالى: {كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} وقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس}

وجه الاستدلال: أن المراد بهذا الصحابة _ رضي الله عنهم _ فقط فهم الموجودون حال الخطاب به.

ويجاب عنه بجوابين:

الأول: أن هذا تخصيص بدون دليل، والأصل أن الخطاب يعمُّ جميع الأمة فهو كقوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} وقوله: {وجاهدوا في الله} وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قد فرض الله عليكم الحج فحجوا " رواه مسلم من حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ونحوها من النصوص.

الثاني: أنه يلزم على قولكم هذا أن لا ينعقد إجماع الصحابة بعد موت من كان موجوداً عند الخطاب؛ لأن إجماع البقية ليس إجماع جميع المخاطبين حال ورودها، ويلزم أن لا يعتدَّ بقول من أسلم بعد نزولها وهذا كلُّه خلاف الإجماع.

3 – قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً} وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لا تجتمع أمتي على ضلالة ".

وجه الاستدلال: أن هذا خاص بالصحابة _ رضي الله عنهم _ إذ هم كل المؤمنين وهم كل الأمة في عصرهم وهذا لا ينطبق على غيرهم فكل من جاء بعدهم فهم بعض المؤمنين.

ويجاب عنه: بأن أتباع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في كل عصر مؤمنون وهم أمته في عصرهم فهم كل الأمة وكل المؤمنين في عصرهم كما أن الصحابة هم كل الأمة وكل المؤمنين في عصرهم فالماضي غير معتبر والآتي غير منتظر، ثم إنه يلزم على قولكم هذا أن الصحابة ليسوا كل المؤمنين بالنظر إلى من مات قبل الإجماع فيكون من بقي هم بعض المؤمنين.

4 - أن الصحابة شهدوا التوقيف (النص) من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقد صح أنه لا إجماع إلا عن توقيف.

ويجاب عنه بجوابين:

الأول: لا نسلِّم أنه يشترط أن يكون مستند الإجماع التوقيف فقط بل قد يكون مستنده القياس وقد حصل الإجماع في كثير من المسائل مستنداً إلى القياس كما سيأتي إن شاء الله.

الثاني: لو سُلِّم باشتراط التوقيف فإنه لا يلزم من التوقيف المشافهة فيه من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وعليه فالتوقيف يصل إلى التابعين ومن بعدهم ولا يختص بالصحابة.

5 – أن الصحابة كان عددهم محصوراً يمكن أن يحاط بهم وتعرف أقوالهم وليس من بعدهم كذلك.

ويجاب عنه بجوابين:

الأول: أنه لا يمتنع عقلاً أن تُجمع أقوال المجتهدين حتى وإن كثروا لا سيما إذا كانوا تحت حكمٍ واحد فيمكن للحاكم أن يجمعهم ويأخذ أقوالهم كما قال الباقلاني والغزالي.

الثاني: لو سُلِّم بتعذر حصول ذلك فيمن جاء بعد الصحابة فإن هذا لا يلزم منه نفي الحجية فالقول بالتعذر شيء ونفي الحجية شيءٌ آخر.

أدلة القول الثاني: استدلَّ الجمهور لقولهم بعدم تخصيص الإجماع بالصحابة بما يلي:

1 – عموم أدلة حجية الإجماع من القرآن والسنة حيث لم تخصِّص الإجماع بعصر الصحابة _ رضي الله عنهم _ كقوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين} وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لا تجتمع أمتي على ضلالة " ونحوها فهي عامة تشمل الصحابة وغيرهم.

2 – أن غير الصحابة أكثر عدداً من الصحابة، وفيهم مجتهدون أكثر عدداً، فإذا وجب الرجوع لقول الصحابة مع قلتهم فالرجوع إلى قول الأكثر من باب أولى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير