الأول: أن المراد بالسواد الأعظم جميع أهل العصر وإلا لقال أعظم السواد أو سواد الأعظم، والجماعة الإمام ومن معه فالمراد بالشذوذ هو الخروج على الإمام كفعل الخوارج، والشذوذ _ علماً أن زيادة " من شذ " ضعيفة _ هو المخالفة بعد الموافقة ولذلك يقال شذ البعير وندَّ إذا توحش بعد ما كان أهلياً.
الثاني: أنه قد ورد نصوص أخرى تذم الكثرة أيضاً كقوله تعالى: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} وقوله: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} ووردت نصوص تمدح القلة كقوله تعالى: {وقليل من عبادي الشكور} وقوله تعالى: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم}.
3 - أن الأمة اعتمدت في خلافة أبي بكر _ رضي الله عنه _ على انعقاد الإجماع عليه لما اتفق عليه الأكثرون، وإن خالف في ذلك جماعة كعلي وسعد بن عبادة رضي الله عنهما، ولولا أن إجماع الأكثر حجة مع مخالفة الأقل لما كانت إمامة أبي بكر ثابتة بالإجماع.
وأجيب عنه بجوابين:
الأول: عدم التسليم بأنه لم يحصل إجماع من الصحابة على خلافة أبي بكر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - بل حصل الإجماع عليها، ومن تأخر من الصحابة فهو لعذر مع إظهار الموافقة بعد ذلك وقد نقل الإجماع غير واحد منهم أبو الحسن الأشعري والبيهقي والصابوني والجويني وابن قدامة والقرطبي وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير وغيرهم.
الثاني: لا يشترط في انعقاد البيعة بالإمامة اتفاق الكل بل يكفي قول أهل الحل والعقد ويكون عامة الناس بعد ذلك تبع لهم كما فعل الصحابة رضي الله عنهم وقد نص على هذا العلماء في كتب الإمامة والأحكام السلطانية.
4 - أن خبر الواحد بأمر لا يفيد العلم وخبر الجماعة إذا بلغ عددهم عدد التواتر يفيد العلم فليكن مثله في باب الاجتهاد والإجماع.
وأجيب عنه بجوابين:
الأول: أنه إن كان صدق الأكثر فيما يخبرون به عن أمر محسوس مفيد للعلم فلا يلزم مثله في الإجماع الصادر عن الاجتهاد فالقياس مع الفارق والعلم الحاصل بالإجماع إنما هو باتفاق الكل لا الأكثر.
الثاني: لو كان كل من أفاد خبره العلم يكون قوله إجماعاً محتجا به _ كما تقولون _ لوجب أن يكون إجماع كل أهل بلد محتجاً به مع مخالفة أهل البلد الآخر لهم؛ لأن خبر أهل كل بلد يفيد العلم.
5 - أن الكثرة يحصل بها الترجيح في رواية الخبر فليكن مثله في الاجتهاد.
وأجيب عنه: بأن هذا قياس مع الفارق إذ يلزم على قولكم أن يكون قول الواحد وحده إجماعاً كما أن روايته وحده مقبولة.
6 - أنه لو اعتبرت مخالفة الواحد والاثنين لما انعقد الإجماع أصلا؛ لأنه ما من إجماع إلا ويمكن مخالفة الواحد والاثنين فيه إما سراً وإما علانية.
وأجيب عنه بجوابين:
الأول: بأن الاحتجاج بالإجماع إنما يكون حيث علم الاتفاق من الكل إما بصريح المقال أو قرائن الأحوال، وذلك ممكن كما يمكنكم العلم باتفاق الأكثر، وإلا لزم أن لا يقع اتفاق مطلقاً لا اتفاق الكل ولا الأكثر لعدم إمكان العلم بهما.
الثاني: يقال: لو اعتبرتم مخالفة الثلاثة والأربعة والخمسة لما انعقد إجماع وهكذا فيلزمكم في هذا ما يلزمكم في عدم الاعتداد بالواحد والاثنين.
7 – أن الصحابة أنكروا على من انفرد عن قول الأكثر كما حصل من إنكار عائشة رضي الله عنها لزيد بن أرقم 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في مسألة بيع العينة فيما رواه البيهقي في السنن الكبرى وأنكروا على ابن عباس رضي الله عنهما قوله في المتعة وقوله بجواز ربا الفضل.
وأجيب عنه: أن هذا الإنكار حصل بسبب مخالفة النص الصحيح الصريح في الحكم لا بسبب مخالفة قول الأكثر.
الترجيح: ما ذهب إليه الجمهور هو الراجح في هذه المسألة لقوة ما استدلوا به والله أعلم.
يتبع بقية المسائل ..
ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[05 - 12 - 07, 11:08 م]ـ
بارك اللهُ فيك شيخَنا الفاضلَ / أبا حازمٍ الكاتبَ ..
واصل .. وصلك الإلَه؛ فنحنُ متابِعون مستفيدون.
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[06 - 12 - 07, 07:22 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.
ـ[تماضر]ــــــــ[08 - 12 - 07, 12:22 م]ـ
اللهم بارك في شيخنا .. واصل وصلك الله
ـ[سعد أبو إسحاق]ــــــــ[08 - 12 - 07, 01:04 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا أبو حازم وبارك الله فيكم
ـ[أبو إبراهيم المدني]ــــــــ[08 - 12 - 07, 03:03 م]ـ
¥