ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[14 - 07 - 09, 05:54 م]ـ
الأخ أبو حازم لدي تعقيب على استدلالاتك من القرآن الكريم على حجية افجماع ارجو أن يتسع لها صدرك:
الشيخ أبو حازم طالت غيبة، وأرجو أن يرجع قريبا فقد طال الشوق إلى مشاركاته.
وأرجو أن لا يضيق برد تلميذه نيابة عنه؛ لأن النبت إذا صوح رعي الهشيم.
والصدر بحمد الله يتسع، ولكن الأفهام هي التي تضيق.
وينبغي تقديم أمر غاية في الأهمية حتى يكون الكلام واضحا؛ لأن إغفال مراتب الحجج في المناقشات من أكثر ما يؤدي إلى ضياع الحق بين المناقشين.
فالنقاش الآن في حجية الإجماع، ومعلوم أن هذا الأمر من الكليات التي لا ينفع الاستدلال فيها بالجزئيات إلا من باب الاستقراء، ومعلوم كذلك أنه لا يصح الاحتجاج بالأدنى على الأعلى.
وإذا كان المخالف يخالف في حجية الإجماع ويعترض على الحجج المذكورة، فهذا يعني بكل وضوح أنه لا ينبغي أن يركن إلى الإجماع مطلقا في كلامه؛ لأنه إن كان الإجماع حجة كان هذا إقرارا منه بحجيته، وإن لم يكن الإجماع حجة كان كلامه باطلا، وهذا دليل قاطع لا أظن عاقلا ينازع فيه.
وإنما ذكرت هذه المقدمة لكي أبين لك أننا لو فرضنا صحة كلامك فهو كله معتمد على حجية الإجماع، يعني لا يوجد حجة يمكنك أن تحتج بها إلا وهي معتمدة على الإجماع إما مطابقة وإما تضمنا وإما التزاما، فإذا ثبت هذا فلا يمكن المنازعة في حجية الإجماع؛ لأنه إن لم يكن حجة سقط كلامك (لاعتماده عليه) وإن كان حجة سقط كلامك أيضا (في نتيجته).
قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)
ما علاقة تزكية المؤمنين بأنهم وسط على التسليم بأنه -الوسطية كما ذهبت إليه وإلا فالسياق محتمل- بالإجماع يعني إذا أخذنا بهذا الاستدلال فإن جميع الأوصاف المادحة للمؤمنين دليل على حجية الإجماع. من ذلك قوله تعالى: (كنتم خير أمة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتومنون بالله) فالآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والمؤمنون بالله لا يجتمعون على باطل!.
هذه النقطة وحدها تحتمل مجلدا في الجواب عنها!!
أولا: قولك (ما علاقة كذا بكذا) هذا لا يمكن أن يعرف إلا بالرجوع إلى أهل اللغة في معرفة معاني الألفاظ وعلاقة بعضها ببعض؛ لأن المحتج إن زعم أن بينهما علاقة وأنت تقول ليس بينهما علاقة فلا يمكن الفصل بينكما إلا بالرجوع إلى أهل اللغة في ذلك، فإن وجدنا أهل اللغة اتفقوا على معنى من المعاني فلا يمكن حينئذ أن ينازع في ذلك منازع.
ثانيا: قولك (السياق محتمل) هذا لا يمكن أن يعرف إلا بالرجوع إلى فهوم أهل العلم؛ لأن معرفة أن السياق يحتمل أو لا يحتمل ليس كلأ مباحا للعامة أو الجهال، فإذا وجدنا مثلا أن أهل العلم اتفقوا على أن السياق غير محتمل، أو أنه محتمل، فلا يمكن أحدا حينئذ أن ينازع في ذلك.
ثالثا: قولك: (فإن جميع الأوصاف المادحة ... إلخ) لو فرضنا أننا قلنا بهذا، فإنك لم تجب عنه!
ومع هذا فنقول: ينبغي أن تعرف أن الاستدلال هنا بوصف الاجتماع لا بوصف المديح، فتأمل!
رابعا: قولك (فالآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والمؤمنون بالله لا يجتمعون على باطل!.) سلمنا بهذا، فهل عندك دليل على نقيضه؟!
وكونهم شهودا على الناس أيضا ليس فيه دلالة على الإجماع قط فشهادتهم على الناس إنما هي التزامهم بأصول الدين وتبليغهم شهادة التوحيد فبذلك يكونون شهداء على الناس إن آمنوا أو كفروا، ولا علاقة للآية بالإجماع
أولا: كرهت لك يا أخي أن تستعمل مثل هذه الكلمة في هذا الموطن (قط)!!
إذ لا معنى لها في هذا السياق إلا أن منازعك جاهل أو أحمق؛ لأنه جاء بأمر لا يمكن أن يكون قط!
ثانيا: قولك (فشهادتهم على الناس إنما هي التزامهم بأصول الدين ... ) من أين لك أن الشهادة محصورة في هذا الأمر؟ وهل تعلم أحدا من العلماء قط (!) قال بهذا في تفسير الشهادة؟
ثانيا: لفظ (الشهادة) معروف مستعمل في القرآن والسنة وكلام العرب، ومعناه واضح، تقول: (فلان يشهد على فلان بكذا) ومعلوم أن القضاة والحكام يرجعون إلى الشهود في الحكم، فإن لم يكن هذا دليلا على إعمال هذه الشهادة كان الكلام عبثا لا يليق برب العالمين.
¥