ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[30 - 11 - 07, 01:24 م]ـ
لو قلنا: (الإجماع مستند إلى الكتاب والسنة)، ما معنى ذلك؟
معناه أننا نعتقد ذلك في أهل الإجماع أنهم استندوا في إجماعهم إلى الكتاب والسنة.
وليس معناه أننا نعترض على أهل الإجماع بقولنا: ما مستندكم في ذلك؟
لأن هذا المستند لا يشترط أن يعلمه الأغمار والجهال، وإنما قد يعلمه بعض العلماء دون بعض، فلا يصح أن تعترض على أهل الإجماع بقولك: ما مستندكم في ذلك؟ لأن هذا في الحقيقة إهدار للإجماع، فلا فرق بين من يقول (لا عبرة بالإجماع) ومن يقول: (ما مستند الإجماع).
وكثير من العلماء يكتفون بحكاية الإجماع عن حكاية مستند الإجماع؛ لأنهم يعلمون أن هذا يكفي من ذاك.
لأننا حتى لو بحثنا واجتهدنا ونظرنا وجئنا بمستند الإجماع من النصوص، فلن نعدم من يقول: لا حجة في هذا النص! من وجه كذا وكذا وكذا وكذا وكذا!!
لأن الوساوس والشبهات والأهواء لا نهاية لها، فلذلك كان الإجماع سدا لهذا الباب الذي يدخل منه من يفسد من حيث يظن أنه يصلح.
فقولنا: (الإجماع دليل تبعي) معناه أننا عرفنا حجية الإجماع من الكتاب والسنة، وليس معنى ذلك أننا نرد قول من يحتج بالإجماع لأنه لم يذكر النص على ذلك.
وهذا على التنزل أصلا في المسألة، وإلا ففيها خلاف بين العلماء: هل يشترط أن يكون للإجماع مستند أو لا؟
والذي أعتقده أنه لا يجب أن يكون لكل مسألة من مسائل الإجماع مستند من النصوص؛ لأن الله عز وجل أوجب علينا اتباع سبيل المؤمنين، ولم يشترط علينا في ذلك أن نبحث عن النص الدال على ذلك، فلا يخلو الدليل الدال على الإجماع من أن يكون صحيحا أو باطلا، فإن كان باطلا سقط الإجماع من أصله، وإن كان صحيحا فلا معنى لاشتراط شروط فيه لم ترد في النص.
فأحد الأمرين لازم لمن يطالب بالنص في كل مسألة من مسائل الإجماع:
- إما أن يسقط حجية الإجماع من أصله
- وإما أن يسقط هذا الشرط.
وأما الذي يزعم أن الإجماع على ما لم يرد به نص يعد زيادة على الشرع، وادعاء لنقص في دين الله!
فهذا نرد عليه بأن كثيرا من الوقائع لم يرد نص فيها بعينها، فإن قال إن فيها نصوصا عامة، وقواعد كلية، فإننا أيضا نقول بأن الإجماع فيه نصوص عامة وقواعد كلية.
فأحد الأمرين لازم لمن يزعم أن الإجماع فيه افتيات على النص:
- إما أن يأتي على كل مسألة بدليل منصوص عليها بعينها ليس عموما ولا قاعدة.
- وإما أن يرجع عن قوله الساذج.
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[30 - 11 - 07, 01:51 م]ـ
بارك الله فيكم
شيخنا الكريم أبا مالك
الأخ الفاضل أبو الفضل المصري
بارك الله فيكما قد وضعت هذا الموضوع للمبتدئين وأعرضت فيه عن المناقشة والاعتراضات وقصدي فيه التسهيل والتأصيل لا الرد والتفنيد ومناقشة الشبه كما ذكرت في صدر الموضوع، وهو مكون من حلقات وأجزاء أكتب فيه مسائل الإجماع باختصار فالرجاء من الإخوة الكرام أن يفتحوا المناقشة في هذا الباب في موضوع جديد حتى لا ينقطع تسلسل الموضوع وجزاكم الله خيراً.
ـ[أبو هريرة السلفي]ــــــــ[30 - 11 - 07, 02:20 م]ـ
1/ الأخ (أبو حازم الكاتب) وفقك الله و شكرا على الموضوع القيّم و لي طلب توضيح حول ما يلي من كلامك:
- أنت قلتَ: "لعل من أسلم التعريفات للإجماع والذي يتناسب مع ما نرجحه في مسائل الإجماع هو أنه: (اتفاق المجتهدين من أمة محمدٍ بعد وفاته في عصرٍ من العصور على أمرٍ ديني) "
- و قلتَ: "لعل أقرب هذه الأقوال هو القول الثالث وذلك لكثرة المجتهدين وتفرقهم في البلاد مما يتعذر معه جمع أقوالهم في وقت واحد بخلاف عصر الصحابة فالمجتهدون منهم معلومون بأسمائهم وأعيانهم وأماكنهم واجتماعهم لا سيما بعد وفاة النبي زمناً قليلاً (الكلام هنا عن إمكان الاطلاع على الإجماع لا عن حجيته) "
- و تقصد بالقول الثالث ما يلي: "أنه يمكن العلم بالإجماع والاطلاع عليه في عصر الصحابة فقط، وأما بعدهم فيتعذر ذلك، وهو رواية عن أحمد وظاهر صنيع ابن حبان في صحيحه ومال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية وهو قول الفخر الرازي والآمدي وهو قول ابن حزم إلا أن هؤلاء يخالفون ابن حزم في الحجية فابن حزم يقصر الحجية على الصحابة فقط والبقية يرونه حجة في كل وقت وإنما يرون تعذر الاطلاع عليه بعد الصحابة".
إذن لماذا لا تعرّف الإجماع ب: (اتفاق المجتهدين من صحابة محمّد صلى الله عليه و سلّم بعد وفاته على أمرٍ ديني) إذ إنّه بالنسبة لك لا يُمكنُ الإطّلاع على هذا الإتفاق إلا في مجتهدي الصحابة بعد وفاة النّبي صلى الله عليه و سلّم و بالتالي فسيكون لغوا ذكرُ باقي المجتهدين من عصور مَن هم بعد الصحابة في تعريفك إذ لا يٌمكنٌ أن يجعل الله شيئا ما حجّة إذا كان لا يٌمكنُ الإطّلاعُ عليه.
2/ أنت قلت: "والخطأ ضلالة " و لكن:
النّبي صلى الله عليه و سلّم قال: "كلّ ضلالة في النّار"
و قال عليه الصلاة و السلام: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران و إن أخطأ فله أجر"
فالضلالة في النار و أما الخطأ فيٌمكنُ أن يؤجر عليه المجتهد؛ فكيف اعتبرت الخطأ ضلالة؟
3/ الأخ (أبو مالك العوضي) ما تفضلت به في مشاركتك الأولى في هذا الموضوع كثير منه لا يلزم من لا يرى حجّية الإجماع إذ حجّية بعض القواعد مبني إما على العقل أو على قبول خبر الثقة ثمَ إنّ كلامُك لا يتوجّه فقط لمنكر حجّية الإجماع و إنّما يٌتوجّه أيضا لمن يرى الإجماع حجّة و لكن يقيّده إما بإجماع الصحابة فقط أو في المعلوم من الدّين بالضرورة فكثير من القواعد اللغوية الصحيحة أو القواعد الأصولية الصحيحة لا هي من جنس المعلوم من الدّين بالضرورة و لا من كلام الصحابة و مع ذلك كثير منها تلزَمنا ليس إما لأنّها داخلة في باب الرواية و يجب قبول رواية أثبات أهل اللغة و ثقاتهم أو لأنّها مستنبطة من نصوص الشريعة و لا دخل لكثير منها في موضوع الإجماع.
¥