تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو هريرة السلفي]ــــــــ[30 - 11 - 07, 03:39 م]ـ

وفقك الله، يبدو لي أن النقاش معك سيكون مثمرا، وأتمنى ذلك.

كنت أود أن أجيب عن كل كلامك في هذه المشاركة، ولكن بدا لي أن أستفسر منك عن بعض الأمور أولا، لأني أعتقد أنها ستجعل كثيرا من الخلاف بيننا لفظيا.

ذكرت - وفقك الله - أن (الكثير منها تلزمنا)، فإذا لم يكن الدليل عليها من المعلوم من الدين بالضرورة، ولا من النصوص، ولا من الإجماع، فما الدليل على أنها تلزمنا؟

أريد أن أعرف هذه النقطة تحديدا قبل أن أكمل كلامي.

أولا عليّ التنبيه على أنّه قد وقع مني سقط في كلامي الذي اقتبسته أخي الفاضل

فكثير من القواعد اللغوية الصحيحة أو القواعد الأصولية الصحيحة لا هي من جنس المعلوم من الدّين بالضرورة و لا من كلام الصحابة و مع ذلك كثير منها تلزَمنا ليس إما لأنّها داخلة في باب الرواية و يجب قبول رواية أثبات أهل اللغة و ثقاتهم أو لأنّها مستنبطة من نصوص الشريعة و لا دخل لكثير منها في موضوع الإجماع.

و قد حاولت تعديل الأمر إلاّ أنّ الوقت المسموح به في التعديل انتهى و عليه فتمام كلامي هو كالآتي:

فكثير من القواعد اللغوية الصحيحة أو القواعد الأصولية الصحيحة لا هي من جنس المعلوم من الدّين بالضرورة و لا من كلام الصحابة و مع ذلك كثير منها تلزَمنا ليس لإرتباطها بالإجماع و إنّما إما لأنّها داخلة في باب الرواية و يجب قبول رواية أثبات أهل اللغة و ثقاتهم أو لأنّها مستنبطة من نصوص الشريعة و لا دخل لكثير منها في موضوع الإجماع.

و من ثمّ فالجواب على تساؤلك سيكون كالآتي:

أنت تقول عن منكر حجّية الإجماع بأنّه لا يُمكنُ أن يقيم الحجّة على أي إنسان و مثلت بما يلي:

"وإذا راح يقرر له صحة معنى اللفظة المتنازع فيها بالنقل عن أهل اللغة، رد عليه بأن النقل عن أهل اللغة ناقص، وأن كتب اللغة خلت من كثير من معاني الكلمات، ولن يمكنه حينئذ أن يرد عليه؛ لأن غايته أن يقول: أجمع اللغويون على ذلك، وهو لا يحتج بالإجماع."

الإستدلال على معنى لفظ في نص ما بالنقل عن أثبات أهل اللغة هو داخل في باب قبول خبر الثقة و هو أمر ملزم و يُرد على المنازع في هذا بأن يطالب على:

- إما إثبات ضعف هذا النقل،

- أو أن يبيّن بأنّ هذا النقل لا يتعلق بهذا النّص.

و بالتالي: فالنقل عن أثبات أهل اللغة من أجل فهم النصوص الشرعية هو واحد من الأمور التي لا تعتبر من الأمور المعلومة من الدّين بالضرورة و لا هي من النصوص الشرعية مما يُمكن لمن لا يرى حجّية الإحماع أن يُلزم بها منازعه. ووجه الإلزام بالنقل عن أثبات أهل اللغة هو داخل في ضمن إطار الأخذ بخبر الثقة و ليس في إطار الإجماع و معلوم بأنّ خبر الثقة ينبغي الأخذ و التسليم به.

هذا من جهة من جهة أخرى بعض القواعد الأصولية كالقياس الأولوي يُمكن أن يُلزم بها من لا يرى حجّية الإجماع مخالفه و هذا الأمر فيه إرتباط بالعقل

فإطلاق القول: "بأنّ من ينكر الإجماع لن يستطيع أن يقيم الحجّة على أي إنسان" أراه غير صواب و الإختلاف بيننا هنا ليس بلفظي -وفقك الله-

ثمّ النّبي صلى الله عليه و سلّم قد ألزم مخالفيه و أقام الحجّة و لم يكن آنذاك هذا الإجماع الذي نتكلم عنه

و الله أعلم

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[30 - 11 - 07, 03:49 م]ـ

وفقك الله

الظاهر من كلامك أنك تقول: إذا جاء الكسائي أو الأصمعي أو ابن الأعرابي من علماء اللغة فقال: (كذا كذا معناه كذا وكذا) فهذا واجب القبول.

أما إذا قلنا: (أجمع اللغويون على كذا) فهذا غير واجب القبول!! وهذا الظاهر أنت لا تريده قطعا؛ لأنه لا يقوله عاقل، فأرجو أن تبين مرادك.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[30 - 11 - 07, 04:00 م]ـ

ثم إنني أقول لك أمرا آخر يا أخي الفاضل، وهو أن الاحتجاج بخبر الثقة لا يمكن أن يتم إلا بالاحتجاج بالإجماع.

بيان ذلك أن قبول خبر الثقة مشروط بشروط، ولا أظنك تقول إن خبر الثقة مقبول مطلقا، فقبول خبر الثقة مشروط بألا يكون شاذا ولا معللا، والخلاصة أنه يشترط في قبول خبر الثقة أن لا يكون مخالفا لما هو أوثق منه، وهذا الشرط شرط سلبي، والشروط السلبية لا يمكن إثباتها إلا بالإجماع.

بيان ذلك أنك لا تستطيع أن تدعي أن خبر الثقة هذا أو ذاك يخلو من الشذوذ أو العلة إلا بغلبة الظن، وبقولك: بحثت في الطرق والروايات ولم أجد له شذوذا ولا علة، وبحثت في كلام الأئمة النقاد، فلم أجد أحدا منهم حكم على الرواية بالشذوذ ولا بالعلة، وبحثت في كتب التخريج فوجدتها كلها متفقة على أن الرواية ليس فيها شذوذ ولا علة.

وكل ذلك هو احتجاج ضمني بالإجماع، فتأمل!

وسواء سميته إجماعا أو لم تسمه إجماعا، فهذا هو الذي نريد الاحتجاج به، فكما تقول: (بحثت ولم أجد أحدا من العلماء أعل هذا الحديث)، فنحن أيضا نقول: (بحثنا ولم نجد أحدا من العلماء خالف هذا الحكم).

فإن ألزمتنا قبول الأولى ألزمناك قبول الأخرى، وإلا كان كلامك متناقضا.

وغاية الأمر في ذلك أن تلجأ إلى محاولة التفريق بين الأمرين، بأن تقول: الأول من باب الإخبار والثاني من باب الاجتهاد، وهذا التفريق غير صحيح؛ لأن إعلال الحديث، والحكم بالصحة والضعف، أو الشذوذ وعدمه، أو ثقة الرواة وضعفهم كل ذلك اجتهاد بلا جدال، ولذلك يختلف فيه العلماء كثيرا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير