تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فما قصد به التعبد فالأمر فيه للوجوب، والنهي للتحريم، لأن الله خلقنا لعبادته، وما قصد به التأدب فإن الأمر فيها أمر إرشاد لا إلزام، والنهي فيها للكراهة لا للتحريم، إلا إذا ورد ما يدل على الوجوب فهو للوجوب. واستدل رحمه الله على التفريق بين العبادة والأدب مع الناس بأن العلاقة فيما كان من باب الأدب تكون مع الناس بعضهم مع بعض، فإذا أسقط الإنسان حقه فقد برئ الإنسان منه، وما كان من باب العبادة فإن العلاقة تكون بين الناس وبين الله عز وجل. ثم مثل للأمر الذي جاء في باب الأدب بما في المتفق عليه عن أبي هريرة مرفوعا:" إذا نتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا نزع فليبدأ بالشمال، فلتكن اليمنى أولهما ينتعل وآخر ما ينزع". منظومة أصول الفقه وقواعده مع شرحها للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ص 103 - 105.

سابعا: بيان موقف ابن حزم رحمه الله من المسألة

نصر ابن حزم قول الجمهور القائل بحمل الأمر على الوجوب، وحمل النهي على التحريم. ورد على المخالفين، ثم ذكر أن هذا الأصل لا ينقض إلا بنص آخر أو إجماع. الإحكام 1/ 292.

والإجماع عنده أضيق من غيره، فالإجماع المتيقن قسمان:

الأول: كل ما لا يشك فيه أحد من أهل الإسلام، كوجوب الصلوات الخمس وتحريم الخمر.

الثاني: شيء شهده جميع الصحابة رضي الله عنهم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أو تيقن أنه عرفه كل من غاب عنه صلى الله عليه وسلم.

ثم قال: فهذان قسمان للإجماع ولا سبيل إلى أن يكون الإجماع خارجا عنهما، ولا أن يعرف إجماع بغير نقل صحيح إليهما. الإحكام 1/ 555.

كما أنه لا يرى اتفاق أهل عصر على قول من الأقوال السابقة إجماعا. الإجماع. الإحكام 1/ 560.

ولا يرى الإجماع السكوتي حجة. الإحكام 1/ 615.

لذا فإننا نرى أن كثيرا من النصوص التي في أمور الآداب والإرشاد حملها ابن حزم على الوجوب إن كانت أمرا، وعلى التحريم إن كانت نهيا، مع حكاية الإجماع في تلك المسائل. من غيره ممن لا يلتزم شروطه للإجماع المعتبر.

ولهذا الخلاف أثر في الفروع في مسائل كثيرة، ولعلنا نذكر طرفا منها ليتضح موقف العلماء منها. مع التنبيه إلى أن كثيرا من تلك المسائل نجد فيها موافقة الإمامين: الصنعاني والشوكاني لاختيار أبي محمد ابن حزم رحم الله الجميع، مما يقوي أنهم لا يأخذون بالتفريق بين مسائل الآداب وغيرها.

تطبيقات فقهية على القاعدة

مسألة: غسل اليدين عند الاستيقاظ من النوم:

قال الزرقاني في شرحه للموطأ 1/ 76: حديث: أن رسول الله e قال إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده "

والنهي – كذا والصواب والأمر - للاستحباب عند الجمهور لأنه علله بالشك في قوله " فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده " أي كفه لا ما زاد عليه اتفاقا زاد ابن خزيمة والدارقطني منه أي من جسده أي هل لاقت مكانا طاهرا منه أو نجسا أو بثرة أو جرحا أو أثر الاستنجاء بالأحجار بعد بلل الماء أو اليد بنحو عرق ومقتضاه إلحاق من شك في ذلك ولو مستيقظا ومفهومه أن من درى أين باتت يده كمن لف عليها خرقة مثلا فاستيقظ وهي على حالها لا كراهة وإن سن غسلها كالمستيقظ ومن قال الأمر للتعبد كمالك لا يفرق بين شاك ومتيقن وحمله أحمد على الوجوب في نوم الليل دون النهار وعنه في رواية استحبابه في نوم النهار واتفقوا على أنه لو غمس يده لم يضر الماء

وقال إسحاق وداود والطبري ينجس لأمره بإراقته بلفظ فإن غمس يده في الإناء قبل أن يغسلها فليرق ذلك الماء لكنه حديث ضعيف أخرجه ابن عدي وقال هذه زيادة منكرة لا تحفظ والقرينة الصارفة للأمر عن الوجوب التعليل بأمر يقتضي الشك لأنه لا يقتضي وجوبا استصحابا لأصل الطهارة واحتج أبو عوانة بوضوئه e من الشن بعد قيامه من الليل وتعقب بأن قوله أحدكم يقتضي اختصاصه بغيره وأجيب بأنه صح عنه غسل يديه قبل إدخالهما الإناء في حديث اليقظة فبعد النوم أولى ويكون تركه لبيان الجواز وأيضا فقد قال في رواية لمسلم وأبي داود وغيرهما فليغسلهما ثلاثا وفي رواية ثلاث مرات.

والتقييد بالعدد في غير النجاسة العينية يدل على السنية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير