تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المبحث الثاني فيما يجوز الأكل منه لصاحبه وما لا يجوز له الأكل منه ومذاهب أهل العلم في ذلك

أما المبحث الأول فجمهور أهل العلم على أن الأمر بالأكل في الآيتين للاستحباب والندب لا للوجوب والقرينة الصارفة عن الوجوب في صيغة الأمر هي ما زعموا من أن المشركين كانوا لا يأكلون هداياهم فرخص للمسلمين في ذلك.

وعليه فالمعنى فكلوا إن شئتم ولا تحرموا الأكل على أنفسكم كما يفعله المشركون وقال ابن كثير في تفسيره إن القول بوجوب الأكل غريب وعزا للأكثرين أن الأمر للاستحباب قال وهو اختيار ابن جرير في تفسيره وقال القرطبي في تفسيره فكلوا منها أمر معناه الندب عند الجمهور ويستحب للرجل أن يأكل من هديه وأضحيته وأن يتصدق بالأكثر مع تجويزهم الصدقة بالكل وأكل الكل وشذت طائفة فأوجبت الأكل والإطعام بظاهر الآية ولقوله e " فكلوا وادخروا وتصدقوا " ....

ثم قال:

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له أقوى القولين دليلا وجوب الأكل والإطعام من الهدايا والضحايا لأن الله تعالى قال " فكلوا منها " في موضعين وقد قدمنا أن الشرع واللغة دلا على أن صيغة أفعل تدل على الوجوب إلا لدليل صارف عن الوجوب وذكرنا الآيات الدالة على ذلك كقوله " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ". وأوضحنا جميع أدلة ذلك في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك منها آية الحج التي ذكرنا عندها مسائل الحج.

ومما يؤيد أن الأمر في الآية يدل على وجوب الأكل وتأكيده " أن النبي e نحر مائة من الإبل فأمر بقطعة لحم من كل واحدة منها فأكل منها وشرب من مرقها " وهو دليل واضح على أنه أراد ألا تبقى واحدة من تلك الإبل الكثيرة إلا وقد أكل منها أو شرب من مرقها وهذا يدل على أن الأمر في قوله " فكلوا منها " ليس لمجرد الاستحباب والتخيير إذ لو كان كذلك لاكتفى بالأكل من بعضها وشرب مرقه دون بعض وكذلك الإطعام فالأظهر فيه الوجوب.

والحاصل أن المشهور عند الأصوليين أن صيغة أفعل تدل على الوجوب إلا لصارف عنه وقد أمر بالأكل من الذبائح مرتين ولم يقم دليل يجب الرجوع إليه صارف عن الوجوب وكذلك الإطعام هذا هو الظاهر بحسب الصناعة الأصولية وقد دلت عليها أدلة الوحي كما قدمنا إيضاحه وقال أبو حيان في البحر المحيط والظاهر وجوب الأكل والإطعام وقيل باستحبابهما وقيل باستحباب الأكل ووجوب الإطعام والأظهر أنه لا تحديد للقدر الذي يأكله والقدر الذي يتصدق به فيأكل ما شاء ويتصدق بما شاء وقد قال بعض أهل العلم يتصدق بالنصف ويأكل النصف واستدل لذلك بقوله تعالى " فكلوا منها وأطعموا البآئس الفقير " قال فجزأها نصفين نصف له ونصف للفقراء وقال بعضهم يجعلها ثلاثة أجزاء يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدي الثلث واستدل بقوله تعالى " فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر " فجزأها ثلاثة أجزاء ثلث له وثلث للقانع وثلث للمعتر هكذا قالوا وأظهرها الأول والعلم عند الله تعالى.

مسألة كتابة الدين:

يخطئ الكثير من الناس حينما يجرون بعض العقود دون كتابة أو شهادة، ولو وثق الناس ديونهم ومعاملاتهم بالكتابة والشهادة لارتاح القضاة في المحاكم من كثير من القضايا، ومن المتقرر أن من مقاصد الشرع الحرص على كل ما يجمع كلمة المسلمين والأمر به والمنع من كل ما يسبب الفرقة والشحناء بينهم ولهذا فإننا نجد أن أطول آية في كتاب الله تعالج مشكلة عدم توثيق العقود، فقد قال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه .. "، وفيها الأمر بكتابة الدين وأجل ذلك الدين، ثم قال:" فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه .. " وفيها أن من عليه الدين هو الذي يكتب إقرارا بالدين أو يملي إن لم يكن كاتبا، ثم قال:" ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا" وفيها أن الدين ولو قل فإن من الحكمة أن يكتب، وأن الحكمة من ذلك أن الكتابة من القسط والحكمة التي أمر الله بها وأنها تدفع الريبة والخطأ الذي يسبب ضياع الحقوق ومن ثم يسبب الشحناء، ثم أكد الأمر بالشهادة فقال:" وأشهدوا إذا تبايعتم" [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=708976#_ftn3).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير