تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الموطأ: عرفنا فيما سبق كيف أن الليبين كانوا من السابقين في الرحيل إلي الإمام مالك لسماع موطئه وأقواله, وأن علي بن زياد هو الذي أدخل الموطأ إلي إفريقية. وهنا نضيف شيئا ليس عندنا عليه دليل, وهو أنه لا يبعد أن يكون ابن زياد قد توقف في مسقط رأسه طرابلس, أثناء رجوعه من المشرق إلي تونس, فأسمع أبناءها روايته للموطأ, كما حدث لسحنون كما سنعرف فيما بعد.

وكذلك أوردنا ترجمة لمحمد بن معاوية الحضرمي الذي روى الموطأ عن مؤلفه والذي كانت في روايته زيادات لم تكن في غيرها. وربما يكون ابن معاوية قد عاد بعد ذلك إلي طرابلس لإسماع الموطأ, غير أن كتب التراجم سكتت عن ذلك لما ذكرناه آنفا.

روياته:

وهكذا دخلت روايتان من روايات الموطأ, على الافتراض, للبلاد الليبية. وربما دخلت رواية يحي بن يحي الليثي الأندلسي إلي المنطقة أثناء مرور يحي من المشرق إلي بلاد وبالعكس; إذ كانت له أكثر من رحلة إلي المشرق.

شروحه:

أما الذي لا شك فيه هو أن الموطأ كان يروى ويسمع ويشرح. وممن شرحه ممن ينتسب إلي البلاد الليبية:

1)) محمد بن عبدالله بن عبدالرحيم البرقي. كان من أصحاب الحديث والفقه روى عن عبدالله بن عبدالحكم وأشهب وابن بكير وغيرهم. ألف كتابين يخصان الموطأ: أحدهما في رجاله, والآخر في شرح غريبة. ولا نعلم لهما وجودا. توفي البرقي سنة 249 هـ.

2)) أحمد بن نصر الداوودي الطرابلسي. دفين تلمسان. كان فقيها فاضلا. أخذ عنه البوني. ألف في شرح الموطأ كتابا سماه ((النامي)) , كما أنه ألف كتابا في الفقه سماه ((الواعي)). وله غير ذلك من التأليف. توفي سنة 402 هـ.

وقد وصل إلينا كتابه النامي, فقد احتفظت به خزانة القرويين بفاس بنسخة منه مبتورة الأول والآخر تحمل رقم 175. وهي جزء واحد بخط أندلسي. وهي نسخة متلاشية في أغلبها, ورقاتها 123. ولا نعلم لهذا الكتاب أية نسخة أخرى. وكتاب النامي كتاب مفيد أقواله معتمدة في أغلبها. استفاد منه الزرقاني في شرحه للموطأ كثيرا. وقد أملي الداوودي كتابه هذا في طرابلس, ثم انتقل بعد ذلك إلي تلمسان حيث توفي هناك. وهذا يرجح انتشار نسخه في المكان الذي أملاه فيه آنذاك.

المدونة: المصدر الثاني من مصادر الفقه المالكي في البلاد الليبية مدونة الإمام سحنون بن سعيد التنوخي القيرواني. سمع عددا من تلاميذ الإمام مالك كعلي بن زياد, وأسد بن فرات, وابن القاسم, وأشهب, وابن ذهب. توفي سنة 240 هـ.

أصل المدونة, من أسد بن الفرات, ثم صححها علي ابن القاسم في مصر, ثم رجع إلي القيروان فرتبها وهذبها وذيل أبوابها بالحديث والآثار إلا بعض الأبواب بقيت علي حالها; إذ شغل بالقضاء آخر حياته. وكانت أسدية ابن الفرات تسمع في نفس الوقت الذي تسمع فيه المدونة ثم لم تلبث أن نسيت فلا ذكر لها. وقد اختصر الأسدية البرقي وغيره. ثم لم تلبث تلك الاختصارات أن تلاشت.

بعد أن سمع الإمام سحنون المدونة (التي كانت آنذاك تسمي الأسدية والمختلطة) من ابن القاسم نفسه, وراجعها معه وسأله عن كثير من الاشكالات سؤال تمحيص وفهم. بعد هذا كله رجع سحنون إلي وطنه. وفي أثناء رجوعه توقف في أجدابية ليسمع أهل العلم بها ما جاء به من علم في رحلته المشرقية وما أخذه عن مشائخه في البلاد التونسية. وقد صرح الإمام سحنون بتاريخ إسماعه أهل أجدابية حيث قال: (سمع مني العلم سنة وإحدي وتسعين ومائة أهل أجدابية).

وهكذا يكون الليبيون أسبق من غيرهم, بحكم موقعهم, في السماع من سحنون مدونته قبل ترتيبها وتهذيبها.

وقد ذكر صاحب الديباج أن عبد الله بم محمد بن خالد بن مرتنيل سمع من سحنون الأسدية قبل تدوينها. ثم يترك الإمام سحنون أجدابية ليذهب إلي طرابلس فيتخذها مقاما له, كما يقول الدكتور أحمد مختار عمر. ولعله أخذ ذلك من قول سحنون: كان بإفريقية رجال عدول, بعضهم بالقيروان وتونس وطرابلس ..... وقوله لما رجع إلي القيروان وسئل عن الصاحين: رأيت بطرابلس رجالا ما الفضيل بن عياض أفضل منهم. ويجدر بنا هنا أن نذكر عبدالجبار بن خالد السرتي الذي ذهب إلي سحنون ولازمه طويلا وسمع عليه بمنزله بالساحل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير