( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn20)، فعود الضميرين في الكلمتين "فأنساه" و "ربه" مما اختلف فيه:
فمن المفسرين [21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn21) من قال: إنهما يعودان إلى يوسف عليه السلام، ويصبح المعنى: أنسى الشيطان يوسف ذكر الله تعالى، فلبث في السجن بضع سنين عقابا له على سؤاله غير الله سبحانه.
وقال آخرون [22] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn22): بل يعودان إلى ساقي الملك، ويكون المعنى: أنسى الشيطان الساقي أن يذكر قصة يوسف للملك، ولهذا لبث يوسف في السجن بضع سنين.
إن سياق الآية يشهد للمعنى الثاني، فالاتفاق قائم على أن الضمير في قوله"عند ربك" يرجع إلى الساقي، فكان المناسب بدلالة السياق أن يكون ما بعده "فأنساه الشيطان ذكر ربه" عائدا على الساقي، حتى لا تتفرق الضمائر، إذ الأصل عند المحققين عدم تشتيت مرجع الضمائر، و إلا أدى ذلك كما قال الزمخشري إلى تنافر النظم الذي هو أم إعجاز القرآن، والقانون الذي وقع عليه التحدي [23] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn23).
والشاهد لهذا المعنى أيضا سياق القصة حيث جاء قوله تعالى " وقال الذي نجا منهما و ادكر بعد أمة" [24] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn24) مبينا أن الذي نسي ثم تذكر بعد سنين هو الساقي [25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn25).
وغير هذا كثير مما هو مبسوط في كتب التفسير، ويدل بوضوح ويقين على كون علماء التفسير أول من اعتمد السياق في تحليل الخطاب وفهم النصوص، وليس كما يظن البعض أن ذلك من نتاج ومبتكرات الدراسات اللسانية الحديثة.
أما السياق بالمعنى الواسع، فيراد به جميع القرائن التي تسهم في فهم النص الشرعي، وهذا النوع برع في بيانه وضبطه علماء الأصول إذ لا تكاد كتبهم تخلو من فصل يبسط فيه القول في تبيين هذه القرائن كسبيل للاستدلال بالخطاب الشرعي على الأحكام.
وحد القرينة كما قال الامام الباجي:"هي ما يبين اللفظ ويفسره" [26] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn26) بأي طريق كان، قال ابن القيم:" .. إذا ظهر مراده ـ أي المتكلم ـ ووضح بأي طريق كان، عمل بمقتضاه، سواء كانت بإشارة أو كتابة أو بإيماءة أو دلالة عقلية أو قرينة حالية أو عادة له مطردة لا يخل بها ... " [27] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn27) .
قال الغزالي مبينا وسائل فهم خطاب الشارع:" طريق فهم المراد تقدم المعرفة بوضع اللغة التي بها المخاطبة .. وإن تطرق إليه الاحتمال، فلا يعرف المراد منه حقيقة إلا بانضمام قرينة إلى اللفظ، والقرينة إما لفظ مكشوف .. وإما إحالة على دليل العقل .. وإما قرائن أحوال من إشارات ورموز وحركات، وسوابق ولواحق، لا تدخل تحت الحصر والتخمين، يختص بدركها المشاهد لها، فينقلها المشاهدون من الصحابة إلى التابعين بألفاظ صريحة، أو مع قرائن من ذلك الجنس، أو من جنس آخر حتى توجب علما ضروريا يفهم المراد، أو توجب ظنا .. وعند منكري صيغة العموم والأمر، يتعين تعريف الأمر والاستغراق بالقرائن" [28] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn28).
فالسياق بهذا المعنى يشمل كل أنواع القرائن التي نص الأصوليون على اعتبارها في فهم خطاب الشارع.
وتختلف أقسام القرائن باختلاف الاعتبارات المرعية في تقسيمها: فمن الأصوليين من قسمها إلى سمعية وعقلية [29] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn29)، ومنهم من قسمها إلى حالية ومقالية [30] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn30)، وآخرون إلى لفظية وعقلية وحالية [31] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn31).. لكن إن كان من حق الأقسام التباين والاختلاف، فإن هذا الأمر منتف هنا، إذ عند التأمل والتدقيق يتضح أن هذه الأقسام وان اختلفت أسماؤها فإن مسمياتها تكاد تكون متحدة بحيث يمكن إلحاق القرائن العقلية بالقرائن الحالية، وإلحاق القرائن السمعية بالمقالية واللفظية،
¥