تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و ذكر الزركشي أن الخلاف بين الجمهور والحنفية في هذا النوع، فرع لمسألة أخرى، وهي أن الشارع إذا أمر بشيء مطلقا ثم نهى عنه في بعض أحواله، هل يقتضي ذلك إلحاق شرط المأمور به، حتى يقال: إنه لا يصحب دون ذلك الشرط، ويصير الفعل الواقع بدونه كالعدم، كما في الفعل الذي اختل منه شرطه الثابث بشرطيته بدليل آخر، أم لا يكون كذلك؟

مثاله الأمر بالصوم والنهي عن إيقاعه يوم النحر، والأمر بالطواف والنهي عن إيقاعه في حال الحيض وغيره، فالشافعي والجمهور قالوا: النهي على هذا الوجه يقتضي الفساد، وإلحاق شرط بالمأمور به لا يثبت صحته بدونه.

وذهب الحنفية إلى تخصيص الفساد بالوصف المنهي عنه دون الأصل المتصف به، حتى لو أتى به المكلف على الوجه المنهي عنه، يكون صحيحا بحسب الأصل، فاسدا بحسب الوصف، والفساد عندهم لا يقتضي البطلان [9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=733587#_ftn9).

قال ابن حجر:" قاعدة الحنفية أن ما لم يشرع بأصله باطل، وما شرع بأصله دون وصفه فاسد " [10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=733587#_ftn10)، بمعنى أن الشرعية مانعة عندهم عن الفساد الذي يرادف البطلان [11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=733587#_ftn11)، ولذلك قال الحنفية بصحة انعقاد نذر من نذر صوم يوم العيد، ويجب عليه إيقاعه في غير يوم العيد، فإن أوقعه فيه كان آثما، وبرئت ذمته من النذر، وعللوا هذا بأن الصوم في أصله مشروع لكونه قربة وطاعة لله تعالى فمن نذر فعله نذر بالطاعة، لكنه لما اتصل به وصف هو معصية، أي الإعراض عن ضيافة الله يوم العيد، صار الصوم فاسدا من جهة وصفه وبقي مشروعا بأصله، وهذا معنى قولهم: صحيح بأصله فاسد بوصفه [12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=733587#_ftn12).

أما الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة وغيرهم، فذهبوا إلى بطلان هذا النذر لكون أيام العيد ليست محلا للصيام في الشرع، والمنهي عنه شرعا لا يكون فعله مشروعا، قال ابن حجر:" ومن حجج المانعين أن النفل المطلق إذا نهي عن فعله، لم ينعقد لأن المنهي مطلوب الترك سواء كان للتحريم أو للتنزيه والنفل مطلوب الفعل فلا يجتمع الضدان " [13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=733587#_ftn13).

وقد ذهب الحافظ ابن حجر مذهب الجمهور في كون هذا النوع من النهي يقتضي البطلان، ودليله حديث عائشةرضي الله عنها قالت:" قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري" [14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=733587#_ftn14).

قال ابن حجر:" الحديث ظاهر في نهي الحائض عن الطواف حتى ينقطع دمها وتغتسل، لأن النهي في العبادات يقتضي الفساد، وذلك يقتضي بطلان الطواف لو فعلته " [15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=733587#_ftn15).

فالطواف ليس منهيا عنه لذاته، وإنما نهي عنه لمعنى آخر اتصل به وصفا، وهو الحيض، والجمهور جعلوا فساد الوصف مبطلا للأصل ما دام متصلا به فقالوا ببطلان طواف الحائض.

أما الحنفية فبناءا على قاعدتهم في الفصل بين الأصل والوصف، قالوا: إن طافت الحائض أجزأها ذلك عن طواف الفرض ولحقها الإثم.

النوع الثاني: أن يكون منهيا عنه لمعنى جاوره جمعا غير متصل به وصفا، وذلك كالنهي عن البيع وقت النداء لصلاة الجمعة للاشتغلال عن السعي إليها بعد لزومه، وهذا معنى جاور البيع ومنفك عنه، وكالنهي عن الصلاة في الدار المغصوبة وفي الأماكن المكروهة، أو كالنهي عن بيع الحاضر للبادي وغيره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير