تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يذكروا طلابهم بالإخلاص لوجه الله، وما دخلت الدواخل ولا نزعت البركة من العلم بشيء أعظم من الرياء فيه أو قصد غير وجه الله - فنسأل الله بعزته وقدرته أن يستل من قلوبنا إرادة غير وجهه، وأن يغفر لنا ما سلف وكان، وأن يبارك لنا فيما بقي من أعمارنا من أزمان-.

هذا الحديث كما ذكر الإمام الحافظ-رحمه الله- حديث ضعيف وقدمنا الكلام على إمامة الإمام لجماعة يكرهونه وبينا أن الكراهة إما أن تكون لسبب ديني شرعي، وإما أن تكون لسبب دنيوي وبينا المعول والحكم في المسألتين وأن العبرة بالكراهية الدينية الشرعية، وهذا الحديث فيه محمد بن القاسم الأسدي ضعفه الأئمة، بل ذكر بعض العلماء أنه من أشد أنواع الضعف فحديثه غير معتبر، ولذلك لا معول على هذا الحديث؛ وإنما المعول على ما هو أصح منه مما سيذكره المصنف-رحمه الله- من الأحاديث بعده.

قال المصنف-رحمه الله-: حَدَّثَنَا هَنَّادٌ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ قَالَ: كَانَ يُقَالُ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اثْنَانِ امْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، قَالَ هَنَّادٌ قَالَ جَرِيرٌ قَالَ مَنْصُورٌ: فَسَأَلْنَا عَنْ أَمْرِ الإِمَامِ فَقِيلَ لَنَا إِنَّمَا عَنَى بِهَذَا أَئِمَّةً ظَلَمَةً فَأَمَّا مَنْ أَقَامَ السُّنَّةَ فَإِنَّمَا الإِثْمُ عَلَى مَنْ كَرِهَهُ.

الشرح:

هذا الأثر عن الصحابي حسنه غير واحد من العلماء-رحمهم الله-.

وقوله: " كان يقال ": ليس مثل هذا يقال بالرأي فإن أمور الآخرة كان الصحابة-رضوان الله عليهم- لا يتقبلونها إلا من الوحي، ولذلك يقولون: موقوف لفظاً مرفوع حكماً فله حكم المرفوع إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؛ لأن الصحابة-رضوان الله عليهم- ما كانوا يتحدثون في أمور الغيب إلا بدليل ونص، وعندهم من الورع والخوف من الله سبحانه وتعالى ما يمنعهم أن يقولوا على الله بدون علم.

وفي هذا الخبر دليل على الوعيد الشديد لهاتين الخصلتين المرأة إذا سخط عليها زوجها، والإمام إذا أم قوماً وهم له كارهون، وعلل بعض العلماء-رحمهم الله- أن هذا الوعيد الشديد ورد في حق الإمام؛ لأنه إذا كرهه الناس لم يخشعوا في صلاتهم، ونفرهم من أعز المواقف وأحبها إلى الله عز وجل وهو الموقف بين يديه فتنفر نفوسهم ولا تخشع قلوبهم؛ لأن هذه النفرة تؤثر في الخشوع وتؤثر في حضور القلب وتوجب النفرة، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه لما اشتكى إليه الصحابي أنه يتأخر عن الصلاة بسبب إطالة الإمام قال أبومسعود عقبة بن عامر البدري 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وأرضاه-: فقام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في موعظة ما وجدته أشد منها فقال: ((أيها الناس إن منكم منفرين إن منكم منفرين)) فقوله: ((إن منكم منفرين)) جاء مبنياً على شكوى هذا الصحابي من إمامه وهذا يدل على إن الإمام إذا لم يتق الله في من وراءه نفرَّهم عن الصلاة، وإذا نفرَّهم عن الصلاة نفرهم عن حضورها مبكرين ونفرَّهم عن الخشوع فيها ونفرَّهم عن نيل أجرها وأعلى المراتب فيها وهذا كله يضر بدين الناس ويضر بصلاتهم؛ لأن أعز ما يملكه الإنسان بعد توحيد الله موقفه بين يدي الله وهو الصلاة فإذا كان بينه وبين الله هذا الشخص الذي ينفرَّه من صلاته ويكرهه فإن هذا يضر بدين الناس ويحدث لهم الفتنة، ومن هنا قالوا: رُكِّب الوعيد، كذلك - أيضاً - قالوا: إن الإمام إذا كان مكروها بين الناس كراهية دينية شرعية فإن الناس لاتتقبل وعظه ولا تتقبل خطب الجُمع منه ولا تتقبل نصائحه ومواعظه وتنفر منه-نسأل الله السلامة والعافية- وهذا ضرر عظيم وبلاء كبير، ومن هنا ورد هذا الوعيد الشديد وشدد الأئمة من الصحابة-رضوان الله عليهم- ومن بعدهم في هذا حتى إن علي بن أبي طالب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لما اُشتكي إليه إمام اشتكاه قومه وكانوا يكرهونه كراهية دينية فجاء الإمام إلى علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - فعزله فلما عزله عتب عليه الإمام فقال له علي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير