تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إنك لخرُّوط والمراد بذلك الرجل الأخرق الذي لا يحسن التصرف في الأمور ويتهور فيها فوصفه بهذا الوصف الشنيع حرصاً على دين الأمة وسلامة جماعة المسلمين، فإذا تقلد الإمامة الأخيار

والصالحون الأبرار الذين ائتلفت القلوب على حبهم واجتمعت النفوس على إجلالهم وتوقيرهم ممن رضي الله عنهم وأرضى الناس عنهم ووضع لهم القبول بين العباد واطمأنت القلوب لهم وانشرحت الصدور لمواعظهم وأقوالهم فكانت كالغيث للأرض الطيبة فنفعهم الله ونفع بهم، ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أنه لايضع هذا القبول إلاَّ لسرٍ بين العبد وبين الله من خوفه وخشيته وإرادة ما عنده سبحانه وتعالى فكراهية المأمومين للإمام فيها هذا الوعيد الشديد.

وقوله: " أشد الناس عذاباً ": وردت هذه الصيغة في كثير من الأفعال والأقوال التي لايحبها الله-جل وعلا- ولا يرضاها فورد أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون وورد الوعيد بأقوال وأفعال أخر فكيف يجمع بين تكرار هذه الصيغ، وقد أجاب بعض العلماء-رحمهم الله- بأن النار-والعياذ بالله- دركات كما أن الجنة درجات فالنار دركات فكل دركة فيها طبقة من العذاب ثم هذه الطبقة والدركة من دخلها تفاوت أهلها في العذاب على حسب معصيتهم بما يوجب دخول هذه الدركه-والعياذ بالله- فإذا كانت المعصية من الأقوال اختلف الناس في فعلها فمن كان شديد الجرأة على حدود الله شديد الجرأة على محارم الله كان أشد الناس عذاباً فيها، ومن انتهكها بصفة أبلغ في انتهاك حدود الله كان عذابه أشد، ومن كان دون ذلك فعذابه أخف كما قال-تعالى-: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} فالله عز وجل لا يظلم العباد ففي مسألة الإمامة والقيام على الصلوات والحقوق يكون الإمام أشد عذاباً بهذا الاعتبار أي بالنسبة، وفي مضاهاة خلق الله عز وجل والتصوير يكون المصورون أشد عذاباً، وهكذا يقاس بقية الأعمال والمعاصي؛ لأن الشرع لا يتناقض ولا يتعارض وقد بين حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وأرضاه- في جوابه للخوارج حينما استشكلوا بعض المسائل؛ بأن يوم القيامة عرصات فأجابهم بتعدد العرصات كما أن العذاب دركات فيجاب بتفاوت العذاب واختلاف دركات أهله - نسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يعيذنا من جميع ذلك -.

وأما سخط الرجل على زوجته ففيه وعيد شديد والمرأة مطالبة أن تتقي الله في حق بعلها عليها، والله عدل قص الحق وهو خير الفاصلين-سبحانه رب العالمين وهو أحكم الحاكمين-، ما ظلم الرجال ولا ظلم النساء أمر الرجال أن يؤدوا حقوق النساء وأمر النساء أن يؤدين حقوق الرجال وهذا هو العدل الذي قامت عليه السموات والأرض ولم تنظر الشريعة الإسلامية إلى إحدى الطائفتين على حساب حقوق الطائفة الأخرى ولكنها أقامت الأمور بميزان العدل أُمر هذا أن يعدل ويتقي الله ويؤدي الحقوق، كذلك أمرت المرأة أن تعدل وتؤدي الحقوق؛ ولكن حق الرجل أعظم من حق المرأة، ولذلك فضل الله الرجال على النساء وهذا حكم الله الذي لا يستطيع أحدٌ أن يبدله أو يغيره، ولذلك خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته فجعل التشريف أولاً لجنس الذكور ثم خلق من آدم زوجه وبين أن العلة في الخلق أن يسكن إليها فصار النساء تبعاً للرجال وهذا تفضيل ذي العزة والجلال الذي لا يملك العبد معه فعلاً ولا مقالاً، فالعبد مطالب بالتسليم وليعلم أن الله- U- إذا حكم لا معقب لحكمه ولو فضل الله قوياً على ضعيف فجعل القوة لقوي وجعل الضعف لضعيف لا يستطيع أحدٌ أن يقول: ربِ لِمَ خلقت هذا قوياً وهذا ضعيفاً هذا حكم الله عز وجل وأعطى هذا حقه إن أطاع واتقى وأعطى هذه حقها إن أطاعت واتقت، أما أن تُغالَط الأمور فلا فنظراً لعظم حق الزوج على زوجه جاء الوعيد في حق الرجل، ولذلك بين هذا الخبر أنها أشد الناس عذاباً إن كان زوجها ساخطاً عليها، وعُلِّل ذلك بأمور:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير