تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا الحديث يدل على أنه-والعياذ بالله- لا تقبل صلاته مدة فراره وهروبه وأن هذا الفعل وهو الهروب من السيد كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأن الوعيد بعدم قبول الصلاة ليس بالأمر الهين، وكذلك - أيضاً - ذكر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه عبد آبق حتى يرجع أن هذا الوعيد وهذه العقوبة تزول عنه بالرجوع إلى سيده وهذه حكمة من الشريعة أنه إذا ذُكرت العقوبة يفتح الباب للإنسان أن يصلح من بعد فساد وأن يحسن من بعد إساءة أن يقبل على الله- U- فإن الله يحب التوابين ويحب المنيبين فيشملهم بعفوه وبره وهو أرحم الراحمين.

((العبد الآبق حتى يرجع)): يعني حتى يرجع إلى سيده.

والعقوبات تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: مستصحب لا يزال إلا بأمر من الله سبحانه وتعالى.

والقسم الثاني: مؤقت محدد يزول بزوال سبببه وانتفاء علته.

فهنا من الضرب الثاني الوعيد الذي ورد في العبد الآبق من الضرب الثاني؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((حتى يرجع)) وهناك عقوبات-والعياذ بالله- ربما تستمر مع العبد حتى تنتهي به إلى سوء الخاتمة-والعياذ بالله- وهذه العقوبات من أشدها العقوبات التي يكون فيها حقوق للناس، ومن هنا بين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن هذه العقوبة محلها أن يرجع العبد إلى سيده، كذلك - أيضاً - بين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصنفين الآخرين وقد تقدم الكلام عليهما.

وفي حكم العبد الآبق - لا نقول أنه لا تقبل صلاته أو لا يتجاوز لكنه على خطر العامل - إذا تكفل مكفوله بإحضاره ومؤونة سفره وجاء به من أجل أن يعمل عنده وتحمل في ذلك المشاق قد يكون الذي كفله مريضاً يحتاج أن يكون معه من أجل أن يمرضه قد يكون شيخاً كبيراً يحتاج إلى أن يكون معه، وقد يكون رجلاً ضيق اليد يجد بصعوبة حتى وجد ماله الذي جاء به فإذا جاء فر عنه وذهب عنه هذا يخشى عليه؛ لأنك قد تجد في بعض الأحيان الضرر الذي يترتب على إباق العبد لا يبعد عن الضرر الذي يوجد في زماننا والشريعة نظرت إلى الضرر ونظرت إلى الأذية وكأن الشرع يراعي أن هذا العبد إذا نظر إلى حق أخيه المسلم عليه وواجبه عليه وضيع هذا الحق أنه يعاقب بهذه العقوبة فإذا نُظر إلى هذا المعنى ليس ببعيد أن يكون له من العقوبة الشيء الكثير لكننا لا نجزم بهذا الأمر الغيبي الذي لا يعلمه إلا الله علام الغيوب سبحانه وتعالى؛ ولكن نقول لمن ظلم وضيع حق من كفله وتعاهد معه والله يقول: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً} فإذا كان بينه وبين أخيه المسلم عقد واتفاق أنه يأتي من بلده ويتحمل أخوه المسلم مؤونة إتيانه ويتعاقدان على ذلك والله وصاه فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} فتحمل هذه التبعة وهذا العناء ثم فجأة إذا به يلوي بظهره ويذهب وراء مصلحة نفسه لا يبالي بحق من كفله فهذا أمره عظيم وعلى خطر؛ لكن ينبغي عليه أن يتقي الله عز وجل وأن يرد الحقوق إلى أهلها.

وفي هذا الحديث دليل على أنه ينبغي للأئمة أن يتعاطوا الأسباب في محبة الناس لهم في الحدود الشرعية.

وذكر بعض العلماء أن شرط هذا أن يكون القوم له كارهون، وبناءً على ذلك لو كان الذي يكرهه واحداً أو اثنين أو قلة هذا لا يؤثر لأنك قل أن تجد أحداً أحبه الناس كلهم؛ لأن الناس تعتريهم الفتن وقد يكون الإنسان نافراً من الشخص ويكره الشخص ويكره فيه خصلة معينة، ولذلك العبرة بالأكثر فإذا كان أكثر أهل المسجد يكرهونه فإنه ينطبق عليه أنه أم القوم وهم له كارهون.

قال المصنف-رحمه الله-: بَاب مَا جَاءَ إِذَا صَلَّى الإِمَامُ قَاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير