تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عن ابن وهب قال: سمعت مالكاً يقول: العجلة في الفتوى نوع من الجهل والخرق، وكان يقال: ما عجل امرؤ فأصاب واتأد آخر فأخطأ إلا كان الذي اتأد أصوب رأياً ولا عجل امرؤ فأخطأ واتأد آخر فأخطأ إلا كان الذي اتأد أيسر خطأ، وسئل الشافعي عن مسألة فسكت فقيل له: مالك لا تجيب، فقال حتى أدري الفضل في سكوتي او في الجواب. وقال الإمام احمد: من عرض نفسه للفتيا فقد عرضها لأمر عظيم، وسئل أيهما أفضل الكلام أو الإمساك؟ فقال:الإمساك أحب إلي إلا لضرورة. وعن الإمام أبي حنيفة انه قال: لولا الفرق من اللّه تعالى أن يضيع العلم ما أفتيت أحدا يكون له المهنأ وعلي الوزر. وعن الحسن البصري انه قال: إن أحدكم ليفتي في المسألة لو وردت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر. وعن سحنون أن رجلا أتاه فسأله عن مسألة فأقام يتردد إليه ثلاثة أيام فقال له مسألتي أصلحك الله لي اليوم ثلاثة أيام، فقال له وما أصنع لك يا خليلي مسألتك معضلة وفيها أقاويل وأنا متحير في ذلك، فقال له وأنت أصلحك الله لكل معضلة، فقال له سحنون هيهات يا ابن أخي ليس بقولك هذا أبذل لك لحمي ودمي إلى النار، ما أكثر ما لا أعرف، إن صبرت رجوت أن تنقلب بمسألتك، وإن أردت أن تمضي إلى غيري فامض تجاب مسألتك في ساعة، فقال له إنما جئت إليك ولا أستفتي غيرك فقال له فاصبر عافاك الله ثم أجابه بعد ذلك.

قال الشيخ الشنقيطي في منظومته دليل السالك على موطإ الإمام مالك:

وبعضهم يظن أن السرعة ** جودة وبراعة في الشرعة

وأن من أبطأ حيث سئلا ** عن الجواب للعلوم جهلا

وهو لأن يبطأ للصواب ** خير من السرعة في الجواب

إذ قد يضل ويضل السائلا ** وذاك شأن من يكون جاهلا

كذاك من يفتي بلا مراجعة ** وشدة التحرير والمطالعة

ـ أن يعلم انطباق الحكم على الواقعة المسؤول عنها، بأن يتحقق من وجود مناط الحكم الشرعي الذي تحصّل في الذهن في الواقعة المسؤول عنها لينطبق عليها الحكم، وذلك أن الشريعة لم تنص على حكم كل جزئية بخصوصها وإنما أتت بأمور كلية وعبارات مطلقة، تتناول أعداداً لا تنحصر من الوقائع، ولكل واقعة معيّنة خصوصية ليست في غيرها، وليست الأوصاف التي في الوقائع معتبرة في الحكم كلها، ولاهي طردية كلها بل منها ما يعلم اعتباره، ومنها ما يعلم عدم اعتباره، وبينهما قسم ثالث متردد بين الطرفين فلا تبقى صورة من الصور الوجودية المعينة إلاَّ وللمفتي فيها نظر سهل أو صعب، حتى يحقق تحت أي دليل تدخل، وهل يوجد مناط الحكم في الواقعةأم لا؟ فإذا حقق وجوده فيها أجراه عليها،

وهذا اجتهاد لابد منه لكل قاض ومفت، ولو فرض ارتفاع هذا الاجتهاد لم تتنزل الأحكام على أفعال المكلفين إلاَّ في الذهن، لأنها عمومات ومطلقات، منزّلة على أفعال مطلقة كذلك، والأفعال التي تقع في الوجود لاتقع مطلقة، وإنما تقع معينة مشخّصة، فلا يكون الحكم واقعاً عليها إلاَّ بعد المعرفة بأن هذا المعيّن يشمله ذلك المطلق أو ذلك العام، وقد يكون ذلك سهلاً وقد لايكون وذلك كله اجتهاد.

ـ مراعاة مقاصد الشريعة في الفتوى: والمراد بمقاصد الشريعة هي: المقاصد التي شرعت الأحكام لتحقيقها وهي المصالح التي تعود إلى العباد وإسعادهم في دنياهم وأخراهم سواء أكان تحصيلها عن طريق جلب المنافع أو عن طريق دفع المضار ويعبر بعضهم عن المقاصد بقوله: هي المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها، وأحسن من ذلك قول بعضهم: المقاصد هي: الأحكام المقصودة للشارع في جميع أحوال التشريع، وعلى رأس هذه المقاصد الكليات الخمس والمصالح الضرورية التي تعتبر أصولاً للشريعة وأهدافاً عامة لها وهي: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، ويلحق بها العرض، ويلحق بها المصالح الحاجية وهي التي لا بد منها لقضاء الحاجات كتشريع أحكام البيع والنكاح وسائر ضروب المعاملات، وتشتمل على الرخص وكل ما فيه تيسير وتوسعة لتمكين المكلف من القيام بما كلف به دون مشقة، ويلحق بها أيضاً المصالح التحسينية وهي:كل ما يعود إلى العادات الحسنة والأخلاق الفاضلة والمظهر الكريم والذوق السليم مما يجعل الأمة الإسلامية أمة مرغوباً في الانتماء إليها والعيش في أحضانها، فهذه المقاصد التي قصد الشارع إلى تحقيقها مثل حفظ المصالح ودفع المفاسد أو حفظ النظام العام، والحرص على عمارة الأرض، ودفع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير