". . . إلا أنه غير مسلم، فإنه قد يوجد من أخبار الآحاد ما يفيد بمجرده العلم، لكنه غير مطرد في كل خبر، ولا لكل أحد؛ لتفاوت الرواة في صفات القبول وتفاوت السامعين في المعرفة وبعد النظر ودقته "
[تعليق رقم 3، من 2\ 39 من الإحكام]
والنماذج على ذلك أكثر من أن تذكر في هذا المقام الموجز.
كما تبدو شخصيته - رحمه الله - بنقد الأقوال المرجوحة والاستدلالات الضعيفة، والاستنباطات البعيدة، ونحو ذلك مما لا أجد مجالا للإفاضة فيه، لكن سأكتفي بالإحالة إلى أرقام الصفحات كنماذج حية على ذلك. [10]
المبحث السادس:
المعلم السادس: ميله إلى التيسير والتسهيل وسلوكه مسلك الاختصار والوضوح:
وهذا المَعلم وضاء في منهج الشيخ - رحمه الله - فهو بعيد عن التكلف والإطالة، شغوف بالاختصار والوضوح، شديد الإنكار على مسالك المتكلمين والجدليين والمناطقة، وإليك بعض النماذج على ذلك:
1 - في تعريف العلم والفقه حين ذكر الآمدي تعريفهما في أول كتابه [1\ 7 من الإحكام]
علق الشيخ - رحمه الله - على ذلك بقوله: " أولع الكثير بالتعاريف المتكلفة التي تورث العبارة غموضا والقارئ لها حيرة، ومن ذلك تعريف العلم والفقه ونحوهما مما ذكر المؤلف، ولذلك تراهم يحتاجون إلى شرح التعريف وإخراج المحترزات ويكثرون من الاعتراض والجواب ولا يكاد يخلص لهم تعريف من الأخذ والرد والواقع أصدق شاهد "
[تعليق رقم 1، 1\ 7 منه]
ومثل ذلك علق في تعريف القرآن [تعليق 1، 1\ 160 منه]
وإذا ورد في المسائل الأصولية أمر يحتاج إلى توضيح بينه بأيسر عبارة وأوضح أسلوب بكلمات مختصرات مفيدات مصدرة بقوله: بيانه أو توضيحه أو نحوها.
ومن النماذج على ذلك:
أن الآمدي - رحمه الله - في مبحث العلة المستنبطة مثل بقوله:
" كتعليل وجوب الشاة في باب الزكاة بدفع حاجة الفقراء لما فيه من رفع وجوب الزكاة " [3\ 244 من الإحكام]
فعلق الشيخ - رحمه الله - على ذلك توضيحا لمراد المؤلف فقال:
" بيانه: أن وجوب الشاة زكاة عن أربعين شاة إذا كان المقصود منه مجرد دفع حاجة الفقراء ولو ببذل القيمة ارتفع وجوب الشاة على التعيين في الزكاة "
[تعليق رقم 1، 1\ 244 منه]
ولعل فيما سبق من أكبر الشواهد على هذا المعلم، وإيثارا للاختصار فسأكتفي بذكر أرقام الصفحات المبينة لنماذج أخرى في ذلك. [11]
المبحث السابع: المعلم السابع: مجانبته التعصب والتقليد:
تبين مما سبق لا سيما في المعلم الثاني حرص الشيخ - رحمه الله - على الدليل وتعظيمه للنصوص وبناؤه منهجه الأصولي عليها؛ ولذلك كان - رحمه الله - بعيدا عن التعصب لمذهب أو الجمود على مشرب، أو التقليد للغير بدون دليل صحيح أو نظر سليم.
وإذا كان للأصوليين آراء ومناهج بنوا عليها مسائلهم واستنباطاتهم، وسار عليها الخلف اقتداء بالسلف، فإن الشيخ رحمه الله كان له تميزه في ذلك، فلم يتعصب لمدرسة أصولية متكلمين أو غيرهم، ولم يُسَلِّم عقله ومنهجه لمذهب فقهي لا يحيد عنه كما عليه كثير من الفقهاء والأصوليين، لكنه - رحمه الله - جانب ذلك كله، وجعل الدليل منهجه والنظر الصحيح مسلكه، فجاء منهجه متميزا بمجانبة التعصب والتقليد المجرد، وهذه بعض النماذج على ذلك:
ا - في محاولة للآمدي - رحمه الله - أن يقصر الرد للكتاب والسنة على المجتهدين فقط [4\ 26 من الإحكام] وهو يومئ ولو من طرف خفي للتقليد للمذاهب دون رجوع مباشر إلى الوحيين.
علق الشيخ - رحمه الله - على ذلك بقوله: ". . . إن وجوب الرد إلى الله والرسول لم يخص بحال ولا زمن ولا بأحد، فيجب بقاؤه على عمومه، ولا يخرج منه إلا الرد إليه بسؤاله بعد وفاته لتعذره، وإلا من عجز عن الرد إليه لضعف استعداده أو مؤهلاته فلا يكلف ذلك. . . "
[تعليق رقم 2، 4\ 26 من الإحكام]
وهو ظاهر في اتباع الدليل وطلبه من كل أحد، ويتجلى هذا المعلم كثيرا في مبحث الاجتهاد والتقليد عند الأصوليين يمثلهم الآمدي رحمه الله، فكان الشيخ - رحمه الله - يعلق على المسائل الخاصة بذلك مما يؤكد هذا المنهج بجلاء.
خذ على سبيل المثال:
¥