تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله عزَّ وجل ولكتابه، ولرسوله e، ولأئمة المؤمنين وعامتهم" ([44] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn44)). فأين النصيحة للعلماء؟ فهم من جملة أئمة المؤمنين، يقول ابن رجب: "ومما يختص به العلماء - أي في النصيحة - ردّ الأهواء المضلة بالكتاب والسنة على موردها، وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها، وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلاّت العلماء، وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردّها" ([45] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn45)).

فمن حقهم أن لا ننسب لهم قول - يجد الواحد منّا حرجاً أن ينسبه لنفسه، فضلاً أن ينسبه لهؤلاء الأئمة - لاسيما للعوام منهم: فهم مولعون بالنوادر، متهالكون على الغرائب، لذلك كان هذا أخوف ما يُخاف علينا، فالعالم إذا زلّ، زلَّت معه أمّة، وإني لناقلٌ لك من قبائح فهم العوام مما قصّه لنا ابن القيم ([46] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn46)) رحمه الله فقال: "قد نُسب إلى مالك رحمه الله تعالى القول بجواز وطء الرجل امرأته في دبرها، وهو كذب على مالك وأصحابه فكتبهم كلها مصرِّحة بتحريمه، ثم لما استقر عند هؤلاء أن مالكاً يبيح ذلك نقلوا الإباحة من الإناث إلى الذكور وجعلوا البابين باباً واحداً، وهذا كفر وزندقة من قائله بإجماع العلماء" ثم قال: "ونظير هذا الظن الكاذب، والغلط الفاحش ظن كثير من الجهال أن الفاحشة بالمملوك كالمباحة أو مباحة، أو أنها أيسر من ارتكابها من الحر ... قال شيخنا - أي ابن تيمية - ومن هؤلاء من يتأول قوله تعالى: [وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ] [البقرة 221] على ذلك - أي إباحة ذكران العبيد المؤمنين - ... ومنهم من يجعل ذلك مسألة نزاع يبيحه بعض العلماء، ويحرّمه بعضهم، ويقول: اختلافهم شبهة، وهذا كذب وجهل" ([47] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn47)).

ولا يبقى بعد هذا كله إلا الحذر ثم الحذر من إطلاق الفتاوى على عواهنها من غير قيد ولا ضابط.

ثم إن لهؤلاء الأئمة حقاً آخر - دون الحق الأول - وهو ردُّ المسائل التي أخطأوا فيها الاجتهاد وعرضها على الكتاب والسنة، فهذه وصيتهم رحمهم الله تعالى، حكى البويطي ([48] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn48)) أنه سمع الشافعي يقول: "قد ألفت هذه الكتب ولم آل فيها ولابد أن يوجد فيها الخطأ، إن الله تعالى يقول: [وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا] [النساء 82] فما وجدتم في كتبي مما يخالف الكتاب والسنة فقد رجعت عنه" ([49] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn49)).

ويقول أبو حنيفة: "هذا رأيي، وهذا أحسن ما رأيت، فمن جاء براي خير منه قبلناه" وصحّ مثل هذا القول عن مالك وأحمد ([50] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn50)).

وإذا أنت بحثت ونظرت، وجدت أن أكثر الناس نصحاً لهؤلاء الأئمة، هم كبار أصحابهم، فهذا محمد بن الحسن ([51] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn51)) وأبو يوسف ([52] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn52)) قد خالفا أبا حنيفة في كثير من المسائل، ولا يجدون غضاضة في الرجوع إلى الحق، ولهذا لما اجتمع أبو يوسف بمالك فسأله عن الصاع، وصدقة الخضروات، ومسألة الأجناس، فأخبره مالك بما تدل عليه السنة في ذلك، قال: "رجعت إلى قولك يا أبا عبد الله، ولو رأى صاحبي ما رأيت لرجع إلى قولك كما رجعت" ([53] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn53)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير