تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يروم نفعه، أو التغليظ على من يريد ضرّه وأما من صحّ قصده فاحتسب في طلب حيلة لا شبهة فيها لتخليص من ورطة يمين ونحوها، فذلك حسن جميل، وعليه يحمل ما جاء عن بعض السلف من نحو هذا كقول سفيان ([118] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn118)): " إنما العلم عندنا الرخصة من ثقة، فأما التشديد فيحسنه كل أحد" ([119] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn119)).

أما المذهبان الأولان فإنهما ليكادان يتساقطان من شدة الوهن، فالأول قال بالمنع، وبوجوب الاقتصار على مذهب واحد، وهذا القول مخالف للإجماع لأن من أسلم لا يجب عليه اتباع إمام معين، بل هو مخيَّر، فإذا قلَّد إماماً بعينه، وجب أن يبقى ذلك التخيير المجمع عليه حتى يحصل دليل على رفعه، لاسيما الإجماع، لا يرفع إلا بما مثله في القوة ([120] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn120))، كذا قال الشيخ عز الدين ([121] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn121)).

ثم إن السنة قد جاءت في إيقاع العبادات على أوجه متعددة، كالأذان، والإقامة، وأحاديث التشهد، وصلاة الخوف، وغيرها، فمن الأئمة من اقتصر على بعض تلك الوجوه، وترك الأخرى، لظنه أن السنة لم تأت به، أو أنه منسوخ، فالتزام مذهب معين قد يؤدي إلى هجر هذه السنن.

أما المذهب الثاني القائل بالجواز مطلقاً، فما سبق من كلام الأئمة في هذا المبحث، والمباحث الأخرى، كافٍ في الرد عليه.

وفي الجملة فالخير كل الخير في التوسط، وصدق المرداوي ([122] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn122)) حين قال: " وهذا هو الصواب، ولا يسع الناس في هذه الأزمنة غير هذا " ([123] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn123)) فنستدرك على الشيخ قائلين: " بل لا يسع الناس في كل زمان غير هذا ".

المبحث السابع

قاعدة مراعاة الخلاف

وتسمى أيضاً قاعدة: " الخروج من الخلاف " وصلتها بهذا البحث ما ذكره الشاطبي، أن هذه القاعدة أشكلت على طائفة من المالكية، منهم ابن عبد البرِّ، وذلك لأن قولنا: " الخلاف لا يكون حجة " يتناقض مع هذه القاعدة، لأن دليلي القولين لابد أن يكونا متعارضين، كل واحد منهما نقيض ما يقتضيه الآخر. ومراعاة الخلاف، يعني إعطاء كل واحد منهما ما يقتضيه الآخر، أو بعض ما يقتضيه، وهذا تناقض ([124] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn124)).

وهذا الإشكال وقع فيه بعض الأئمة من غير المالكية كابن أبي هريرة من الشافعية، وبعض الحنابلة ([125] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn125))، وسببه أنهم أطلقوا هذه القاعدة من عقالها، وطردوها في كل خلاف، بحيث إذا وقع خلاف فالخروج منه أفضل من التورط فيه مطلقاً.

وليس الأمر كذلك، فالقاعدة لها ضابط، وهو أن يكون دليل المخالف قوياً بحيث لا يبعد قوله كل البعد فحينئذ يستحب الخروج من الخلاف، حذراً من كون الصواب مع الخصم، لاسيما إذا قلنا بأن مدعى الإصابة لا يقطع بخطأ مخالفه، ومثاله: المضمضة والاستنشاق، فهما فرضان عند الحنفية والحنابلة ([126] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn126))، والتسمية في الوضوء، واجبة عند الحنابلة ([127] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn127))، فينبغي الخروج من الخلاف بفعلها.

أما إذا كان مأخذ المخالف واهناً، بعيداً عن الصواب، فلا ينظر إليه، ولا يعوَّل عليه، ومثاله ما ذكره ابن رجب: "فيما ثبت فيه عن النبي ش رخصة ليس لها معارض، فاتباع تلك الرخصة أولى من اجتنابها، وإن لم تكن تلك الرخصة بلغت بعض العلماء فامتنع منها لذلك، وهذا كمن تيقن الطهارة، وشك في الحديث، فإنه صح عن النبي ش أنه قال: " لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً" ([128] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn128)) ولاسيما إن كان شكه في الصلاة، فإنه لا يجوز له قطعها لصحة النهي عنه " ([129] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn129)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير