تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونقل أبو عوانة أيضاً – وذكره الحافظ ابن حجر في (الفتح 4/ 153) – أن ابن معين قال عنه: منكر، وإنكار أحمد للحديث نقله عنه المروذي في سؤالاته (117 رقم 273)، وقال النسائي عقب إخراج الحديث في (الكبرى: 2/ 172): (لا نعلم أحداً روى هذا الحديث غير العلاء بن عبد الرحمن " ا. هـ.

وقال الخليلي في (الإرشاد: 1/ 218) عن العلاء: "مديني، مختلف فيه؛ لأنه يتفرد بأحاديث لا يتابع عليها – ثم ذكر حديث الباب، ثم قال: - وقد أخرج مسلم في الصحيح المشاهير من حديثه دون هذا والشواذ " ا. هـ، وأشار البيهقي (4/ 209) إلى ضعفه.

وما ذكره الخليلي، فيه إشارة واضحة، أن مسلماً أعرض عن حديثه لما فيه من النكارة، مع أنه أخرج من هذه السلسلة: العلاء عن أبيه كثيراً، وقد أشار إلى هذا السخاوي، كما في (الأجوبة المرضية 1/ 37).

وما ذكره بعض الأئمة من تفرد العلاء به، لا يعكر عليه ما رواه الطبراني – كما سبق تخريجه- من طريق محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن يعقوب؛ لأن هذه الطريق معلولة بثلاثة أمور:

الأول: أن فيها المنكدر بن محمد المنكدر، وقال عنه أبو حاتم: " كان رجلاً صالحاً لا يفهم الحديث، وكان كثير الخطأ، ولم يكن بالحافظ لحديث أبيه وقال عنه أبو زرعة: " ليس بقوي وقال ابن معين: "ليس بشيء" وقد وثقه أحمد في رواية أبي طالب " نقل ذلك كله ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 8/ 406).

الثاني: أن الطبراني قال عقب إخراج الحديث:" لم يرو هذا الحديث عن محمد بن المنكدر إلا ابنه المنكدر، تفرد به ابنه عبد الله " ا. هـ، فهو مع ضعفه تفرد أيضاً.

الثالث: قال ابن عدي في (الكامل 6/ 455) عن هذه السلسلة (عبيد الله بن عبد الله المنكدري قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده).

"وهذه نسخة حدثناه ابن قديد، عن عبيد الله بن عبد الله بن المنكدر بن محمد، عن أبيه عن جده، عن الصحابة وعن غيرهم، وعامتها غير محفوظة ". ا.هـ.

وأما الطريق التي أخرجها ابن عدي من طريق إبراهيم بن أبي يحيى، فلا أثر لها؛ لأن إبراهيم هذا متروك الحديث، كما في الميزان 1/ 57، والتقريب (93)، والله أعلم.

وبعد: فإن اختلاف أهل العلم بالحديث في الحكم على هذا الحديث انسحب على المسألة فقهياً، فقد اختلف العلماء في حكم الصوم بعد منتصف شعبان.

فمن صح عنده هذا الحديث حكم بكراهة صوم السادس عشر من شعبان وما بعده، وبعضهم صرّح بالتحريم كابن حزم في (المحلى 7/ 25) إلا أنه خص النهي بصيام اليوم السادس عشر فقط – ومن ضعّف هذا الحديث لم يقل بالكراهة كما هو قول جمهور العلماء، محتجين بحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه ". أخرجه البخاري (2/ 34) باب لا يتقدم رمضان بصوم يوم ولا يومين ح (1914)، ومسلم (2/ 762) ح (1082) – واللفظ له -، وأبو داود (2/ 750)، باب فيمن يصل شعبان برمضان ح (2335)، والترمذي (3/ 69)، باب ما جاء " لا تقدموا الشهر بصوم" ح (685)، والنسائي (4/ 149)، باب التقدم قبل شهر رمضان ح (2172، 2173)، وابن ماجة (1/ 528)، باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بصوم ح (1650) من طرق عن يحي بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة – رضي الله عنه -.

وقد احتج بهذا الحديث الإمام أحمد على ضعف حديث النهي عن الصوم بعد النصف، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا "، والله أعلم.

ويمكن أن يعلل الحديث أيضاً بحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان.

أخرجه البخاري (2/ 50)، باب صوم شعبان ح (1969)، ومسلم (2/ 810) ح (1156)، وأبو داود (2/ 813) باب كيف كان يصوم النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ ح (2434) من طريق أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة -رضي الله عنها-.

ومقتضى هذا – بلا شك - أنه كان يصوم شيئاً من الأيام بعد منتصفه.

ومما ضعف به حديث العلاء أيضاً:

الأحاديث الدالة على جواز صوم يوم وإفطار يوم، بعضها في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنه -، وهي مشهورة كثيرة.

وقد أجاب بعض المصححين لحديث العلاء بأن النهي محمول على من لم يبتدئ صيامه إلا بعد النصف، أما من كان يصوم قبل النصف واستمر فلا يشمله النهي، ومنهم من حمل النهي على من يضعفه الصوم عن القيام بحق رمضان.

والظاهر – والله أعلم – هو رجحان قول الأئمة الذين حكموا عليه بالنكارة والضعف؛ لسببين:

الأول: لكونهم أعلم ممن صحّحه.

الثاني: لقوة الأدلة التي تخالفه، كحديث أبي هريرة، وعائشة، وعبد الله بن عمرو - رضي الله عنهم -، ومما يقوي هذا – أعني ضعفه – أن الإمام مسلماً – رحمه الله – كان يخرج من سلسلة العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة كثيراً، فما باله أعرض عن هذا الحديث؟! الأمر كما قال الخليلي – كما سبق نقل كلامه – إنما هو لشذوذ هذا الحديث.

وبناء عليه يقال: إن الصيام بعد النصف من شعبان لا يحرم ولا يكره، إلا إذا بقي يومان أو يوم، وليس للإنسان عادة في الصيام، فإنه ينهى عن ذلك لدلالة حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -، والله –تعالى- أعلم.

وللمزيد ينظر: (شرح معاني الآثار للطحاوي 2/ 82 – 87)، و (تهذيب سنن أبي داود لابن القيم – مطبوع مع مختصر السنن للمنذري 3/ 223 –225)، و (فتح الباري 4/ 153) شرح الحديث (1914)، و (تحفة الأحوذي 3/ 296).

منقول من موقع:

http://www.islamtoday.net/questions/show_question_*******.cfm?id=11854

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير