تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مالفرق بين اهل الحديث واهل الظاهر في ا لاصول؟]

ـ[الاثر]ــــــــ[22 - 10 - 03, 10:46 م]ـ

[مالفرق بين اهل الحديث واهل الظاهر في ا لاصول؟]

وهل هذا الخلاف سائغ؟ وما هي اصول اهل الراي؟ وهل هي اصول الامام ابوحنيفه؟

ـ[ساري عرابي]ــــــــ[23 - 10 - 03, 10:12 ص]ـ

أخي الفاضل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

سأنقل لك للإجابة على سؤالك -باختصار وتصرف مني- من كتاب (المدخل إلى دراسة المدارس والمذاهب الفقهية) للدكتور (عمر سليمان الأشقر) ...

أخطاء اهل الظاهر:

أدى منهج أهل الظاهر إلى نتائج خطيرة، فقد جوزوا ورود الشريعة بالفرق بين المتساويين، والجمع بين المختلفين، لأنهم يقرون أن الشارع ينهى عن الشي لا لمفسدة، ويأمر به لا لمصلحة، فمن ظاهريتهم -مثلاً- أنهم لا يجوزون لمن بال في الماء الدائم الذي لا يجري أن يتوضأ منه عملاً بالحديث الذي ينهى عن ذلك، ولكنهم يجوزون لغير البائل أن يتوضأ منه ويغتسل! وقد خطأهم ابن القيم من أربعة وجوه:

1. رد القياس الصحيح، ولا سيما المنصوص على علته، الذي يجري عليها مجرى التنصيص لا التعميم، فلا يشك عاقل أن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فإنها رجس) بمنزلة قوله ينهيانكم عن كل رجس.

2. تقصيرهم في فهم النصوص، فكثير من الأحكام دلت عليها النصوص، ولم يفهموا دلالتها عليها، وسبب هذا أنهم حصروا الدلالة في مجرد ظاهر اللفظ دون إيمائاته وإشاراته وتنبيهه وعرفه عند المخاطبين، فلم يفهموا من قوله تعالى {فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ... } ضرباً ولا سباً ولا إهانة، يقول ابن حزم في الآية: "ما فهم أحد قط في لغة العرب ولا العقل أن قول (أف) يعبر به عن القتل والضرب، ولو لم يأت إلا هذه الآية ما حرم إلا قول (أف) فقط".

3. تحميل الاستصحاب فوق ما يستحقه وجزمهم بموجبه لعدم علمهم بالناقل، وليس عدم العلم علماً بالعدم، والاستصحاب في اللغة: إعتبار المصاحبة، وفي اصطلاح الأصوليين: هو الحكم على الشيء بالحال التي كان عليها من قبل، حتى يقوم دليل تغير تلك الحال، أو جعل الحكم الذي كان ثابتاً في الماضي باقياً في الحال، حتى يقوم دليل على تغيره.

والاستصحاب ثلاثة أقسام: استصحاب البراءة الأصلية، واستصحاب الوصف المثبت للحكم الشرعي، حتى يثبت خلافه، واستصحاب حكم الإجماع في محل النزاع.

... ولعلك ترجع إلى كتب الأصول للتعرف على كل قسم من هذه الأقسام واختلافات الفقهاء والأصوليين عليها ...

وخلاصة ما قرره ابن القيم أن: "الاستصحاب لا يجوز الاستدلال به إلا إذ اعتقد انتفاء الناقل".

4. اعتقادهم أن عقود المسلمين وشروطهم ومعاملاتهم كلها على البطلان، حتى يقوم الدليل على الصحة، فإذا لم يقم عندهم دليل على صحة شرط أو عقد أو معاملة استصحبوا بطلانه، فأفسدوا بذلك كثيراً من معاملات الناس، وعقودهم وشروطهم بلا برهان من الله بناء على هذا الأصل، وجمهور الفقهاء على خلاف هذا ...

أما أخطاء أهل الرأي -باختصار-:

1. ظنهم قصور النصوص عن بيان جميع الحوادث.

2. معارضة كثير من النصوص بالرأي والقياس.

3. اعتقادهم في كثير من الأحكام الشرعية أنها على خلاف الميزان والقياس، والميزان: هو العدل، فظنوا أن العدل خلاف ما جاءت به من هذه الأحكام.

4. إعتبارهم عللاً وأوصافاً لم يعلم اعتبار الشارع لها، وإلغاؤهم عللاً وأوصافاً إعتبرها الشارع.

5. تناقضهم في القياس.

ولقد أحسن أهل الظاهر في الاعتناء بالنصوص الشرعية حفظاً ومدارسة وتفقهاً، ولكنهم أخطؤوا في وقوفهم عند ظواهر النصوص، وقصروا في فهمها.

وأهل الرأي أحسنوا؛ إذ لم يقفوا عند ظاهر النص، بل غاصوا في أعماق النصوص، واستخلصوا علل الاحكام، ووسعوا دلالة النصوص ... ولكنهم أساؤوا فيما أحسن فيه أهل الظاهر، فلم يعتنوا بالنصوص عنايتهم بالعلل والقياس، ولم يبذلوا جهدهم في طلبها، ومعرفة الصحيح من الضعيف في الأحاديث.

يقول ابن القيم واصفاً حال هذه المدرسة: "وأهل الرأي والقياس لم يعتنوا بالنصوص، ولم يعتقدوها وافية الأحكام، ولا شاملة لها، وغلاتهم على أنها لم تف عشر معشارها، فوسعوا طريق الرأي والقياس، وقالوا بقياس الشبه. وعلقوا الأحكام بأوصاف لم يعلم أن الشارع علقها بها، واستنبطوا عللاً لا يعلم أن الشارع شرع الأحكام لأجلها، ثم اضطرهم ذلك إلى أن عارضوا بين كثير من النصوص والقياس، ثم اضطربوا، فتارة يقدمون القياس، وتارة يقدمون النصوص، وتارة يفرقون بين النص المشهور وغير المشهور، واضطرهم ذلك أيضاً إلى أن اعتقدوا في كثير من الأحكام أنها شرعت على خلاف القياس".

اما مدرسة أهل الحديث فقد توسطت بين المدرستين، ذلك أنها وراثة علم الصحابة والتابعين، فقد أخذت من كل مدرسة محاسنها، وتجنبت مساوئها، فقد عنيت بما عني به اهل الظاهر، لقد عنيت بالنصوص عناية كبيرة، وشغلت بغربلة الأحاديث والتعرف على الصحيح والضعيف، واجتهدت في فقه النصوص، واستنباط الأحكام منها، وتبيطق هذه النصوص على الوقائع، وأحسنت فيما أحسن فيه اهل الرأي؛ إذ لم يقفوا عند ظاهر النص، فنظروا في منطوق النص ومفهومه، كما نظروا في إشارته و إيمائه، ولم يهملوا علل الأحكام، ولكنهم لم يتعدوا النصوص إلى الرأي إلا عند الاضطرار، حيث لا يجدون نصاً بعد الطلب والتحري.

يقول الشافعي -رحمه الله-: "ونحكم بالإجماع، ثم القياس، وهو أضعف من هذا، ولكنها منزلة ضرورة، لأنه لا يحل القياس والخبر موجود"، وقد روى الإمام أحمد عن الشافعي قوله: "القياس عند الضرورة".

وأنصحك بالرجوع إلى كتاب إعلام الموقعين لابن القيم -رحمه الله- فستجد ما يثلج صدرك إن شاء الله.

أما أبو حنيفة فهو واحد من كبار ورموز مدرسة أهل الرأي.

ولعل بعض الأخوة هنا، أمثال الشيخ (المتمسك بالحق) و (ابن وهب) و (أبو خالد السلمي) ... وبقية الأخوة والمشايخ الكرام، يشرحون لنا، ويفيدونك أكثر مني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير