تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رواية وكيع عن الثورى] قال النسائى ((الكبرى)) (1/ 531/1715): أخبرنا محمود بن غيلان نا وكيع نا سُفْيَانُ عَنْ حُصَيْنٍ أنَّ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ رفع يَدَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَسَبَّهُ عُمَارَةُ بْنِ رُوَيْبَةَ الثَّقَفِيُّ، فَقَالَ: مَا زَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ.

ولا شك أن العدد الكثير أولى بالحفظ، والضبط، والبيان لمناط الحديث، ووجه دلالته من العدد القليل، سيما وفيهم: شعبة وزائدة والثورى من رواية أوثق أصحابه: محمد بن يوسف الفريابى عنه. فإذا ترجحت رواية الجماعة، كان المراد إنما هو النهى عن رفع اليدين فى الدعاء، مع اكتفاء الخطيب بأن يشير بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، ومن دلالته جواز الدعاء فى الخطبة بهذه الكيفية، والنهى عن رفع اليدين معه.

ولهذا بوَّب أبو بكر البيهقى على الحديث فى ((سننه)) (3/ 210) بقوله: باب ما يستدل به على أنه يدعو في خطبته

قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ أنبأ الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب ثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ أَنَبأ شُعْبَةُ

عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ: أنه رأى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ، وَهُو عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: انظروا إلى هذا، قَالَ: وَشَتَمَهُ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ.

واستدل لجواز الدعاء مع الإشارة بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، بما أخرجه أبو داود (931) قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي ذُبَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِراً يَدَيْهِ قَطُّ يَدْعُو عَلَى مِنْبَرِهِ، وَلا عَلَى غَيْرِهِ، وَلَكِنْ رَأَيْتُهُ يَقُولُ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ، وَعَقَدَ الْوُسْطَى بِالإِبْهَامِ.

وقال أبو بكر: ((والقصد من الحديثين إثبات الدعاء في الخطبة، ثم فيه من السنة: أن لا يرفع يديه في حال الدعاء في الخطبة، ويقتصر على أن يشير بأصبعه. وروينا عن الزهري أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب يوم الجمعة دعا، فَأَشَارَ بأصبعه وأمَّنَ النَّاسُ. ورواه قرَّة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة موصولا، وليس بصحيح والله أعلم)) اهـ.

وأما تحريك اليدين، وقبضهما، وبسطهما فى الخطبة يوم الجمعة وغيرها، كما يفعله أكثر الخطباء، حملاً للسامعين على الانتباه والتيقظ، فمن الدلالة على جواز ذلك كله: ما سبق ذكره على وجه الاختصار دون الإسهاب، عند الكلام على حديثى أبى حميد الساعدى، وعبد الله بن عمر، وفى ثانيهما ((وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَكَذَا بِيَدِهِ، وَيُحَرِّكُهَا، يُقْبِلُ بِهَا، وَيُدْبِرُ، فَرَجَفَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرُ))، وقوله ((وَيَمِيلُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ)).

وهذا من أوضح بيانٍ وأدله على ما ذكرناه.

والله الهادى للصواب، وإليه المرجع والمآب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ـ[ابوفيصل44]ــــــــ[15 - 12 - 04, 07:49 م]ـ

جزاكم الله خيرا على هذا البحث المفيد:

ولكن يكيف يمكننا توجيه كلام الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في الفتاوى 16/ 107؟؟ حيث قال:

فمثال ما ورد فيه عدم الرفع تصريحاً: الدعاء حال خطبة الجمعة، ففي صحيح مسلم عن عمارة بن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال: «قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بأصبعه السبابة».

ويستثنى من ذلك ما إذا دعا الخطيب باستسقاء فإنه يرفع يديه والمأمومون كذلك، لما رواه البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة الأعرابي الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يوم الجمعة أن يستسقي قال: «فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه يدعو ورفع الناس أيديهم معه يدعون». وقد ترجم عليه البخاري: «باب رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء».

وعلى هذا يحمل حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي رواه البخاري أيضاً عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، وأنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه» فيكون المراد به دعاءه في الخطبة، ولا يرد على هذا رفع يديه في الخطبة للاستصحاء، لأن القصة واحدة، وقد أيد صاحب الفتح (ابن حجر رحمه الله) حمل حديث أنس رضي الله عنه على أن المراد بالنفي في حديث أنس نفي الصفة لا أصل الرفع كما في [ص (715) ج (2) الخطيب].

وأيًّا كان الأمر فإن حديث عمارة يدل على أنه لا ترفع الأيدي في خطبة الجمعة، وإنما هي إشارة بالسبابة، وحديث أنس رضي الله عنه يدل على رفعها في الاستسقاء والاستصحاء، فيؤخذ بحديث عمارة فيما عدا الاستسقاء، والاستصحاء ليكون الخطيب عاملاً بالسنة في الرفع والإشارة بدون رفع.

ومثال ما ورد فيه عدم الرفع استلزاماً: دعاء الاستفتاح في الصلاة، والدعاء بين السجدتين، والدعاء في التشهدين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يديه على فخذيه في الجلوس، ويضع يده اليمنى على اليسرى في القيام، ولازم ذلك أن لا يكون رافعاً لهما. undefinedundefined

فهل كلام الشيخ رحمه الله منصب فقط على رفع الايدي عند الدعاء ــ وهو الذي تبادر الى فهمي ــ أم أنه يشمل عموم التحريك أثناء الخطبة؟

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير