ويختلف رأي الفقهاء في هذه المسألة عن رأي الطب المعاصر لأن الحقائق التي بيناها لم تكن معروفة لدى الفقهاء في القديم:
أ ـ رأي الفقهاء:
يقسم الفقهاء حالات الخنثى إلى نوعين:
(1) الخنثى غير المُشْكل:
وهو الذي تكون فيه علامات الذكورة أو الأنوثة واضحة بينة فيعلم أنه رجل أو امرأة ويعامل على أساسه.
(2) الخنثى المُشْكل:
وهو الذي تختلط فيه علامات الذكورة والأنوثة فلا يعلم إن كان رجلاً أو امرأة، وحيث أُطلق لفظ (الخنثى) في كتب الفقه القديمة فإنه يراد به الخنثى المشكل، وهو نوعان:
نوع له آلتان (فرج وذكر) ونوع ليس له آلة بل ثقب يبول منه، وغالباً ما يتعذر الحكم على الخنثى المشكل قبل البلوغ: هل يعتبر ذكراً أم أنثى؟
فذهبوا في القديم إلى أنه قبل البلوغ يحكم عليه من حيث يبول، فإن كانت له آلتان فبال من الذكر فهو غلام، وإن بال من الفرج فهو أنثى، أما بعد البلوغ فيتبين أمره بعلامات البلوغ نفسها،
فإن نبتت له لحيةٌ أو أمنى اعتبر ذكراً، أما إن ظهر له ثدي ونزل منه لبن أو حاض فهو أنثى، فإن حصل الحمل والولادة فهما دليلان قطعيان على الأنوثة.
ب ـ رأي الطبّ:
يفرّق أهلُ الطب بين نوعين من الخنوثة،
ليس على أساس الشكل الظاهر فحسب كما يفعل الفقهاء، بل أيضاً على أساس التكوين العضوي الداخلي للغدد الجنسية، ولهذا قالوا بوجود نوعين من الخنوثة:
(1) الخنثى الحقيقية:
وهي التي تجمع في أجهزتها الخصيةَ والمبيضَ في الوقت نفسه، وهذه الحالة نادرة جداً.
(2) الخنثى الكاذبة:
التي تكون فيها الغدد التناسلية من الجنس نفسه (إما مبايض وإما خصي) وتكون الأعضاء التناسلية الظاهرة مخالفة لجنس الغدد التناسلية التي في الداخل،
وهذه الحالة ليست نادرة فهي توجد بنسبة مولود واحد من كل 25 ألف ولادة (2).
2 ـ الأحكام التي تترتب على الخنوثة:
فيها اختلاف واسع بين الفقهاء، بسبب الاختلاف في طريقة الحكم على جنس الخنثى من حيث الذكورة والأنوثة،
وقد أورد الدكتور محمد علي البار عدداً من الأحاديث والروايات التي ذكرت في موضوع الخنثى، فذكر أن الأحاديث الواردة في الموضوع إما مردودة من قبل علماء الحديث،
وإما أن الروايات غير صحيحة أو تناقض حقائق الطب وانتهى إلى القول: (وبما أن أحكام الخنثى في الفقه الإسلامي مبنية على معلومات الأطباء، والتجربة والمشاهدة في عصورهم السابقة،
دون الرجوع إلى الفحص النسيجي للغدة التناسلية لعدم توافر ذلك آنذاك، فإن على الفقهاء أن يراجعوا هذه الأحكام على ضوء التقدم الطبي الواسع الذي حصل في العصر الحديث).
وقد أصبح أهل الطب اليومَ أقدر على التمييز بين حالات الخنوثة المختلفة ودرجاتها، لهذا أرى أن يُترك تحديد جنس الخنثى لرأي الطب بعد دراسة الحالة من حيث التكوين الظاهري للأعضاء التناسلية، والتكوين الصبغي،
وتحديد جنس الغدد التناسلية الداخلية إن أمكن، وبعد ذلك يمكن إصلاح الجهاز التناسلي ليكون أقرب إلى الحالة الطبيعية التي تتوافق مع التكوين العضوي،
وحينئذٍ تجري على الحالة الأحكامُ التي توافق الجنس، وإذا تعذَّر إصلاح الجهاز التناسلي اعتمدنا على الشكل الظاهري للأعضاء التناسلية مع الاستئناس بالصيغة الصبغية. أنتهى اختصرته لأنه ذكر احكامه في الفقه الاسلامي تقريباً عشر صفحات
وفي كتاب فقه السنه 3/ 454 يذكر تعريف له:
الخنثى: شخص اشتبه في أمره ولم يُدر أذكر هو أم أنثى، أما لأن له ذكراً وفرجاً أو لأنه ليس له شيء منهما أصلاً
كيف يرث:
إن تبين أنه ذكر ورث ميراث الذكر وإن تبين أنه انثى ورث ميراثها
وتتبين الذكورة والانوثه بظهور علامات كل منهما
فان لم يعرف أذكر هو أم أنثى بأن لم تظهر علامة من العلامات أو ظهرت وتعارث فهو الخنثى المشكل ..... والمسألة فيها خلاف بين الفقهاء ولهم اقوال في هذا النوع. أنتهى
وفيه موضوع فيه تفصيل حول الخُنثى المشكل:
أنواع المشكل:
وهذه التعريفات الأخيرة تضيف إلى الخنثى (الكاذبة) الخنثى المشكل ويحدده الفقهاء بالأنواع التالية:
أ) من لم يكن له من قُبله مخرج ذكر ولا فرج أنثى، ولكن لحمة نائية يرشح منها البول رشحا على الدوام.
ب) من ليس له إلا مخرج واحد بين المخرجين منه يتغوط ومنه يتبول.
ج) من ليس له مخرج واحدا أصلا، لا قبل ولا دبر، ويتقيأ ما يأكله.
وكلها عيوب خلقية في تكوين المجرى البولي والجيب البولي التناسلي.
وأما الثالث فهو عيب شديد في تكوين المذوق حيث يتوقف نمو المذوق في فترة مبكرة بحيث لا يتكون المستقيم، والقناة الشرجية ولا يتكون المجرى البولي التناسلي، ولا تعيش هذه الحالات إلا بعد إجراء عمليات جراحية معقدة، وقد ذكر ابن قدامه في المغني أنه رأي في زمانه هذه الحالات المشكلة، حيث قال، حيث قال: وقد وجدنا في عصرنا شبيها بهذا (أي الخنثى المشكل) لم يذكره الفرضيون، ولم يسمعوا به، فإنا وجدنا شخصين ليس لهما في قُبليهما مخرح لا ذكر ولا فرج، أما أحدهما: فذكروا أنه ليس في قُبله إلا لحمة ناتئة كالربوة، ويرشح البول منها رشحا على الدوام، وأرسل إلينا يسألنا عن حكمه في الصلاة، والتحرز من النجاسة في هذه السنة وهي ستة عشرة وستمائة (610هـ).
والثاني شخص ليس له إلا مخرج واحد فيما بين المخرجين منه يتغوط ومنه يبول. وسألت من أخبرني عن زيه فأخبرني إنما يلبس لباس النساء ن ويخالطهن ويغزل معهن ويعد نفسه امرأة.
وحدثت أن في أحدى البلدان شخصا ليس له مخرج أصلا لا قبل ولا دبر وإنما يتقيأ ما يأكله وما يشربه.
وهذه الحالة الأخيرة – لا شك – لا تطول بها الحياة وإنما يموت المصاب بها في طفولته الباكرة، ولا نتصور أنه يمكن في ذلك الزمان إجراء عمليات جراحية شديدة التعقيد لإنقاذه
منقول
¥